ترجمات الإمام الحداد بأقلام معاصريه ومن بعدهم
رصد ونقد
بقلم د. محمد باذيب
إمامنا
الكبير عبدالله بن علوي الحداد، كان رجل عصره، سيق له الشرف والفضل والمجد سوقاً،
وكان كما قال الأول:
أتته الخلافة منقادة ** إليه تجرجر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ** ولم يك يصلح إلا لها
كان ملء
السمع والبصر، أكبَّ عليه عارفو فضله، ولزموا أعتابه، في حين انصرف عنه جماعة من
أهله وجيرانه وسكان بلدته. فكان ذلك قدره، وكان ذلك قدرهم.
ولم يعدم
سيدنا الإمام في حياته وبعد مماته، من محبين مخلصين، أخلصوا له المحبة كل الإخلاص
وأشده، وتجلت تلك المحبة، وذلك الحب الشديد، فيما سطروه بأناملهم، وسهروا عليه
الليالي، وأمضوا فيه نفائس الأوقات، من تدوين نافع علومه، وفائض فهومه، فأشاعوا
أخباره، ونسخوا أسفاره، وأفردوا مناقبه بالتأليف، فتفيأنا بهم ذلك الظل الوريف.
وفي هذه
العجالة نستعرض المؤلفات التي تناولت الإمام الحداد بالذكر، سيما تلك التي أفردت
في التعريف به، وإشاعة أخباره ومناقبه، وغيرها من كتب التراجم التي ذكرته ضمناً،
مع التنبيه على أن كلامنا بالدرجة الأولى، مقصور على المصادر الأصلية، لمؤلفين
عاصروا الإمام، أو أتوا بعد ذلك ولكنهم استدركوا على من سبقهم ما لم يذكروه في
كتبهم. وسنعرج بعد ذلك على المراجع التي ذكرت الإمام من أهل عصرنا، مع التنبيه على
ما في بعضها من أوهام، أو أخطاء تاريخية، والله المعين.
* * *
الكتاب
الأول: المشرع الروي
ترجم
العلامة الشلي (ت 1093هـ) للإمام الحداد في حياته، والشلي متقدم الوفاة على الإمام
بأربعين سنة!!. وهذا من النوادر، أن يترجم المعاصر للمعاصر، فالغالب أن النفوس
تأنف من التنازل للمعاصرين، ولكن الشلي رحمه الله كان على درجة عالية من الأدب
والأخلاق، فترجم لمعاصريه، وأنصفهم، وذكر محاسنهم، وأثنى عليهم الثناء الحسن.
وترجمة الإمام
في الجزء الثاني «المشرع» (ص 396-401) من الطبعة الحديثة، و(ص - )من الطبعة
المصرية القديمة. [تنبيه: وجاء في هامش (2/401): أن وفاة الإمام كانت سنة 1011هـ،
وهذا خطأ، ينبغي التنبه له].
محتويات
ترجمة الشلي:
ذكر شيخاً
واحداً للإمام الحداد، هو سهل بن أحمدباحسن، شاركه الأخذ عنهم.
وذكر حجه
وزيارته سنة 1080هـ.
ذكر من
مؤلفاته:
1. رسالة المعاونة.
2. وإتحاف السائل.
3. والكلام المنثور.
4. والديوان.
مصادر
ترجمة الشلي:
مصادر
شفاهية، ورسالة الإمام الحداد للشيخ حسين بافضل المكي، وغير ذلك.
* * *
الكتاب
الثاني: غاية القصد والمراد في مناقب شيخ العباد والبلاد
ألفه
العلامة محمد بن زين بن سميط، المتوفى سنة 1172هـ. وكان شرع في جمعه بعد موت شيخه
الإمام بسنة واحدة، بإشارة من أكبر خلفائه وتلاميذه الحبيب أحمد بن زين الحبشي، وانتهى
من الجمع بعد 11 سنةً، أي: سنة 1144 سنة وفاة الحبيب أحمد بن زين، وجعله في ثمانية
أبواب، ومقدمة، وخاتمة، وخاتمة الخاتمة.
المقدمة:
في فضائل الأولياء.
الباب
الأول: في بدء أمر الإمام الى وفاته. وفيه: 8 فصول
وخاتمة.
الباب
الثاني: في أخلاقه وشمائله، وفيه 13 فصلا وخاتمة.
الباب
الثالث: في طريقته وسلوكه، وأخذه وخرقته، وفيه: 4 فصول
وخاتمة.
الباب
الرابع: في الحكايات المتضمنة الكرامات وخوارق العادات.
وفيه 280 حكاية. ويتلوه: خاتمة، وخاتمة الخاتمة، فتتمة مهمة في علو الهمة.
الباب
الخامس: في الكلام على مصنفاته.
الباب
السادس:
في الكلام على نظمه وأشعاره. وخاتمته: في كلماته وحكمه وما لم يدون من مجالسه
ودروسه.
الباب
السابع: في أوراده في الليل والنهار، وهي أربعة، وبعض صيغ
صلواته وأدعيته الأخرى.
الباب
الثامن: في ذكر شيء من المدائح التي قيلت فيه. والخاتمة
في ذكر المراثي وهي 50 مديحة ومرثية.
خاتمة
الكتاب: في ذكر الأشياخ والأقران والتلاميذ. ويسمى «بهجة
الزمان وسلوة الأحزان في ذكر طائفة من الأعيان»، وقد طبع مستقلا. وهو مفيد للغاية،
وينبغي الاعتناء بتحقيقه وإعادة إخراجه، لتوفر مادة تاريخية نادرة فيه عن جمهرة
كبيرة من علماء حضرموت.
خاتمة
الخاتمة: في ترجمة كبير تلاميذ الإمام، وأجل خلفائه في
العلم والدعوة من بعده، الحبيب أحمد بن زين الحبشي، وهو السبب في تأليف هذا
الكتاب، وقد أسماها «قرة العين وجلاء الرين في ذكر سيدنا الغوث أحمد بن زين». طبعت
حديثاً، في مجلد.
* مصادر
بن سميط في الغاية:
1. ما سمعه من شيخه أحمد بن زين، أو نقله من خطه
(1/8).
2. ما وجده بخط علوي بن عبدالله الحداد، أو سمعه منه
(1/8).
3. ما وجده بخط الحسن والحسين ابني عبدالله الحداد،
(1/8).
4. ما نقله من خط السيد عبدالرحمن بن علي فقيه (1/9).
5. ما نقله من خط الشيخ عبدالله (عبدون) بن قطنة
الشبامي (1/9).
6. ما سمعه من السيد عمر البار
7. ما سمعه من السيد عمر بن حامد
8. ما سمعه من الشيخ عبدالله بن محمد شراحيل الأشرم
9. ما سمعه من الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعظيم شراحيل
10.
ما سمعه
من السيد عقيل بن عيدروس باعقيل السقاف
11.
ما سمعه
من السيد محمد بن شيخ الجفري.
12.
ما نقله
عن السيد محمد الشلي.
* طباعة
كتاب الغاية: قام السيد علي بن عيسى الحداد رحمه الله،
بنشره في مصر، وطبع في مجلدين كبيرين. الأول في 488 ص، والثاني: في 271 ص.
والحق
يقال: إن للسيد عيسى فضلٌ كبير على التاريخ بإخراجه هذا الكتاب الذي هو من كنوز
التراث الى حيز الطباعة، ولكن: الحاجة اليوم ملحة الى اعادة نشره في حلة جديدة، مع
اعداد فهارس شاملة تعين الباحثين على استخراج درره.
* مختصر
الغاية: بهجة الفؤاد
بعد أن
فرغ الحبيب محمد بن سميط من تأليف الغاية، عرضها على شيخه الحبشي، وتحدث معه حول
كبر حجم الكتاب، وأنه يريد أن يختصره، فنهاه شيخه، وأمره أن يبقي الأصل على حاله،
ثم إذا تسنى له وقت فراغ أن يلخص منه مهماته. فقام بذلك بعد وفاة شيخه الحبشي،
واختصر الكتاب كله مع خاتمته وخاتمتها في مجلد واحد، سماه «بهجة الفؤاد وبغية
المرتاد في مناقب شيخ العباد». وهو متوفر يقع في مجلد مخطوط، 502 ص.
* الذيل
على الغاية: أنس الراغب في تتميم المناقب
للحبيب
العلامة علوي بن أحمد بن حسن الحداد تذييل مهم جداً على «غاية القصد»، ضمنه ما
سمعه من أبيه وجده الإمام الحسن، ومن بقية أعمامه وكبار أفراد الأسرة الحدادية
المباركة، وأسمى كتابه ذلك «الحكايات البينات والكرامات الظاهرات»، كما حكاه في
ترجمته الذاتية في «المواهب والمنن» (ص 678).
ووقف
كاتب هذه السطور على نسخة من هذا التتميم، في مكتبة الأحقاف للمخطوطات، ولكنها تحت
اسم «أنس الراغب في تتميم المناقب»، فلعل الحبيب علوي عدل عن التسمية السابقة الى
هذه، أو لعله سمى الكتاب باسمين كما يفعله بعض المؤلفين. وحبذا لو تتوجه الهمم
الحدادية المباركة الى إخراج هذا الكتاب.
* * *
الكتاب
الثالث: نبذة للشيخ محمد بن يس باقيس
وهي نبذة
مفيدة للغاية، اطلع عليها سيدنا العلامة علوي بن طاهر الحداد، ونقل منها في
«الشامل» نقولا كثيرة، ومما قاله في وصفها، في سياق تاريخ (حلبون) (ص 151) عند
ترجمة الشيخ محمد بن ياسين (ت 1183هـ): «وممن أخذ عنه أيضاً: جدنا، السيد الشريف،
الحبيب طه بن عمر بن علوي الحداد. وقد ألف الشيخُ محمد «نبذةً» بطلبه، في مناقب
الحبيب عبدالله الحداد، لو تمت لظهر بها كثير من الشئون التي لم يذكرها الحبيب
محمد بن زين بن سميط في كتابه «غاية القصد والمراد في مناقب القطب الحبيب عبدالله
الحداد»، وكتابِه «بهجة الفؤاد». وقد ترك كثيراً ممن أخذَ عن الحبيب عبدالله
الحداد، كالشيخ محمد بن يس باقيس، لأنه لم يذكر إلا من ماتَ منهم، هكذا قال
الحبيبُ علوي بن أحمد بن الحسن بن عبدالله الحداد. قال: «إنه جمع فيه (أي «بهجة
الفؤاد») أسماءَ البعض ممن ماتَ وقد أخذ عن سيدنا القطب الغوث الشيخ عبدالله بن
علوي الحداد علوي، ومَن هُم في الحياة حالَ التأليف لم يذكرْهم»، اهـ. أقول:
وهذا اعتذار حسن، ولكن ترتّب على ذلك أن اندرست أخبارُهم، وجُهل أمرهم، إلا من شاء
الله منهم، وربما غاب عنه بعضُ من قد ماتَ منهم، لأنه اتصل بالحبيب عبدالله آخر
عمره، ومع ذلك فقد حفِظَ وجمع ما لم يأتِ أحدٌ بمثله، فجزاه الله خير الجزاء. وقد
ترجم في أول «النبذة» المذكورة لجدنا طه، وقد سبق نقلُ ذلك عند ذكر فضلاء الرباط».
وقال في
(الرباط): «وقد ترجمه الشيخ المعمر، الفقيه الصوفي المسند، محمد بن ياسين باقيس،
تلميذ الحبيب الإمام، علم الأعلام، وركن الإسلام، عبدالله بن علوي بن محمد الحداد،
العلوي الحسيني، في «نبذَة» كتبها بطلبٍ من جدّنا طه ابن عمر، وذكر فيها عدداً من
فقهاء آل العمودي وصلحائهم، ممن أخذ عنه، ولو كملت لكانت من أحسن الطبقَات لأهل
ذلك العصر».
وقال في
(الرشيد) :«ويحتمل أنه كان في بلد الرشيد فقهاءُ لم تدوّن أخبارُهم، فإن دوعن كان
يسمَّى وادي الفقهاء، وقد ذكر الشيخ محمد بن ياسين باقيس في «نبذته» المشار إليها،
عدداً من فقهاء آل العمودي، الذين أخذوا عن الحبيب عبدالله الحداد، فكيف بمن سبقَ
منهم، أو من غيرهم، كبيوت الفقهَاء المشهوين بالفقه، وإن اندرسَتْ أخبار أفرادهم!
مثل: آل باجنيد، وآل باشيخ، وآل باحويرث، وغيرهم».
* * *
الكتاب
الرابع: المواهب والعطايا والإمداد
تأليف
الشيخ عبدالله بن محمد باشراحيل الأشرم الشبامي. فرغ من تأليفه سنة 1107هـ. وفرغ
من مقابلته ونسخه سنة 1137هـ. وهذا الشيخ من كبار أصحاب الإمام، ومن مصادر كتاب
«غاية القصد»، كما تقدم.
توجد
نسخة نادرة من هذا الكتاب في مكتبة العلامة شهاب الدين محمود المرعشي النجفي، في
قم، تقع في 51 ورقة، كتبت بخط جميل، وكلها حكايات وأخبار، مما جرى للمؤلف، أو
سمعه وأسنده عن قائليه، وعليها خط المؤلف.
الكتاب
الخامس: إرشاد العباد لبعض مناقب قطب الإرشاد
تأليف:
السيد عقيل بن محمد بن عبدالله بن حسين السقاف المكي.
توجد
منها نسخة خطية فريدة في مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض. تقع في 13 ورقة. بقلم
الشيخ محمد تاج بن محمد فرج غزاوي، كتبها 22 شوال سنة 1341هـ.
وهي على
نمط المناقب المسجّعة، التي كان أهل مكة يقرؤونها في حوليات الأولياء والصالحين،
وكان السيد أحمد زيني دحلان رحمه الله مهتماً بهذا اللون من المناقب، لأنها تلخص
للناس ما ينبغي لهم أن يعرفوه من أخبار الصالحين المزُورِين. وهناك مناقب متعددة
لكثير ممن كانت تعمل لهم حوليات في مكة المكرمة.
تقريظ
الشيخ عمر باجنيد (ت 1354هـ) على هذه المناقب:
كتب رحمه
الله ما نصه:
«الحمدلله
عز شأنه. قد اطلعت على هذه الخلاصة المنتخبة من المناقب الكبرى، المأخوذة من كتاب
«كنز البراهين» لسيدي الحبيب شيخ الجفري، فوجدتها زبدة جواهرها، ونخبة فوائدها،
جزى المولى الكريم الجزاء الجميل جامعها، السيد الكامل، سلالة السادة الأماثل،
عقيل بن المرحوم سيدي الحبيب الفاضل محمد بن عبدالله بن حسين السقاف، ناظر زاوية
سيدنا قطب الإرشاد وغوث العباد الحبيب عبدالله بن علوي الحداد، وأعاد المولى علينا
من أسراره وبركاته في الدارين، آمين.
قاله فقير عفو ربه المجيد
عمر بن أبي بكر باجنيد
خادم طلبة العلم بالمسجد الحرام».
* * *
الكتاب السادس: سلك الدرر في
أعيان القرن الثاني عشر
تأليف
الشيخ محمد خليل المرادي الدمشقي (ت 1206هـ).
هي أقدم
ترجمة ضمنية للإمام، أي: غير مستقلة، وهي في الجزء الثالث من الكتاب (ص 91). لخصها
من «المشرع الروي»، وزاد عليها من غيره، ولم يصرح بمصدر الزيادة.
ومما وقع
في هذه الترجمة:
1- أن
المرادي يسوق بعض الكلام الذي على لسان الشلي، ولا يغير العبارة، كقوله: «صاحبنا
الشيخ حسين بافضل»، فهو صاحب الشلي، لا صاحب المرادي.
2- كما
أنه وقع في خطأ في سياق نسب الإمام الحداد، فسماه: عبدالله بن علوي بن أحمد
المهاجر. فأسقط العديد من الآباء الكرام في سياق النسب. وتابعه على هذا الخطأ كثير
من المؤرخين الذين اعتمدوا عليه، كالزركلي في «الأعلام»، وعمر كحالة في «معجم
المؤلفين»، وغيرهما.
* * *
الكتاب
السابع: الإمام الحداد مجدد القرن الثاني عشر الهجري، سيرته ومنهجه.
الكتاب
الثامن: الإمام الحداد مجدد القرن الثاني عشر الهجري، السيرة المصورة.
كلاهما
من تأليف وجمع د. مصطفى البدوي، نزيل المدينة المنورة. وهو معاصر حفظه الله
ورعاه.والكتابان طبعا طبعةً خاصة سنة 1422هـ/ 2001م، الأول في 272 ص، والثاني في
350 ص على ورق مصقول مزود بالصور الملونة.
هذا بعض ما يجب أن يقال، وخير الكلام ما قل ودل ..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.