الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016

نصوص تراجم نادرة لمتأخري الشافعية من كتاب مرْشِد الأنام إلى برِّ أُمّ الإمام = شرح كتاب الأم للشافعي

نصوص تراجم نادرة لمتأخري الشافعية
من كتاب «مرْشِد الأنام إلى برِّ أُمّ الإمام» = «شرح كتاب الأم للشافعي»
تأليف العلامة السيد أحمد بك الحسيني المصري (ت 1332هـ)
بقلم/ د. محمد أبوبكر باذيب
لم نزل نسمع عن كتاب (مرشد الأنام لبر أم الإمام)، للعلامة السيد أحمد بك الحسيني (ت 1332هـ). وأن هناك من يعمل عليه، ولكن للأسف لم تنهد لخدمة هذا الكتاب القيم المفيد، ولو حتى خدمة مقدمته المهمة المشتملة على تراجم الشافعية المتأخرين، من معاصري المؤلف المذكور. وهذا تقصير كبير، نرجو أن يتم تلافيه في قادم الأيام إن شاء الله.
مما لفتَ نظري أن باحثين معاصرين للمؤلف، حتى من غير المسلمين، رجعوا الى كتابه المذكور، فهذا يوسف سركيس (ت 1351هـ) في كتابه الشهير «معجم المطبوعات العربية والمعربة»، يقول عن الكتاب ومؤلفه: «له سوَى الكتُب المطبوعة، مصنّفٌ جليلٌ في أربعة وعشرين مجلداً، أودعَ في دار الكتُبِ المصرية، موسُوماً بـ«مرشد الأنام لبر أم الإمام»، وهو شرحٌ على قسم العبادات من كتاب «الأم» للإمام الشافعي»(1).
وفي ثنايا «معجم» سركيس ما يفيد أنه رجع إلى «مرشد الأنام» رجوعاً مباشراً، ونقل عنه بدون واسطة، فقد نقل عنه ترجمتين لعالمين شافعيين معاصرين، كما رجع إليه في ترجمة أحد فقهاء الشافعية الكبار، ممن تولى مشيخة الأزهر.
النص الأول
في ترجمة مفتي الشافعية بمكة المكرمة، السيد العلامة أحمد زيني دحلان، المتوفى سنة 1304هـ. فقال: «أحمد بن زيني بن أحمد دحلان، المكي. مفتي السادة الشافعية بمكة المشرفة، وشيخ الإسلام. ولد في حاضرة الحجاز، وتولي الإفتاء للشافعيين، واشتغل بالعلوم مدةً. وفي زمانه أنشئت في مكة أول مطابعها، فكان المترجم متولياً نظارتها، ونشر فيها تآليف من قلمِه، غير التي طبعت في القاهرة.
قال فيه أحمدُ الحسيني: «بعد أن ظهر (المترجَم) على طلبته بالمسجد الحرام آيةُ النجَابة، وحثهم على تعليم الطلبة، انتقلَ إلى تعليم أهل البراري والقفار، من أرض الحجاز والشام واليمن، وصار يذهب بنفسه إليهم، ويتردد عليهم، ويرسل إليهم من يعلمهم»(2).
النص الثاني
نقل ترجمة شيخ الأزهر، العلامة الشيخ عبدالرحمن الشربيني (ت 1326هـ)، برمتها من «مرشد الأنام». قال فيها: «قَال العلامة المرحوم أحمد الحسيني في كتابه «مرشد الأنام» (مخطوط): «الشيخ عبد الرحمن الشربيني علامة عصره وفريد دهره الذي لم يكن له شريك في وقته. شيخ الشيوخ، وقدوة الأكابر، وصاحب التصانيف، ورب التحقيق والتدقيق، وكان فريداً في التقوى والصلاح». وبعد أن عدد الحسيني مؤلفات المترجَم، قال: «والحقُّ يقالُ، وإن كان بيني وبينه خلافٌ في بعض المسائل، لم نتفق عليها، لكنه كان وحيد دهره، بعد شيخنا العلامة الإنبابي. تولي مشيخة الأزهر سنة 1322، بعد أن عُرِضت عليه مراتٍ عديدةً، واستقال منها سنة 1324»(3).
النص الثالث
رجع إليه في ترجمة العلامة حسن العَطار (ت 1250هـ). ولعله استفاد الترجمة منه، فأنقلها للفائدة، قال سركيس: «حسن بن محمد العطار، الشافعي المصري، شيخ جامع الأزهر. ولد في القاهرة في حدود سنة 1190(4). ونشأ بها في حياطة أبيه الشيخ محمد كتن، وسمع من أهله أنه مغربيُّ الأصل، ورد بعض أسلافه مصر واستوطنها، وكان أبوه عطاراً، استخدم ابنه أولاً في شؤونه، ثم رأى منه رغبةً في العلوم فساعده على تحصيلها.
فاجتهد في إحراز المعارف وأخذ من كبار مشايخ الأزهر، كالشيخ الأمير، والشيخ الصبان، وغيرهما. حتى نال منها قسطا كبيراً. فلما كان هيجان الفتن بدخول الفرنساوية مصر، داخله الخوفُ ففر إلى الصعيد كجماعة من العلماء. عاد بعد أن حصل الامن واتصل بناس من الفرنساوية فاستفاد منهم الفنون الشائعة في بلادهم وأفادهم اللغة العربية.
ثم ارتحل إلى الشام، ودخل دمشقَ، وتجول في بلاد كثيرة، ثم رجع إلى مصر، فأقر له علماؤها بالسبق، وتولي التدريس في الأزهر سنة 1246 إلى آخر سنة من حياته.
نقل عن الشيخ محمد شهاب الثناء: أنه كان يقولُ: إن الشيخ العطار كان آيةً في حدَّة النظر، وشدة الذكاء، ولقد كان يزورنا قبلاً في بعض الأحيان، فيتناول الكتاب الدقيق الخط، الذي تعسر قراءته في وضح النهار، فيقرأ فيه على نور السراج وهو في موضعه، وربما استعار مني الكتاب في مجلَّدين، فلا يلبث عنده إلا الأسبوع أو الأسبوعين، ويعيده إليَّ، وقد استوفى قراءته، وكتب في طُررِه على كثير من مواضعه».
الهوامش:
1- سركيس، يوسف إليان، معجم المطبوعات العربية والمعرَّبة، جـ1 (القاهرة: مطبعة سركيس، 1346هـ/ 1928م)، 383.
2- سركيس، جـ2، 990.
3- سركيس، جـ2، 1110.
4- سركيس، جـ2، 1335.
5- علق سركيس في الهامش بقوله: «كذا ورد في كتاب «مرشد الأنام»، الذي ألفه المرحوم أحمد بك الحسيني، ولم يزل مخطوطاً». جـ2، 1335.


* * *