الأربعاء، 27 مارس 2019

غزال صادني - قصيدة


غزال صادني

قال محمد باذيب، سامحه الله: وقفت على بيتٍ لأحد الظرفاء يقول فيه متغزلاً بمحبوبه:

لقد فعلَتْ جفُونُكَ في فؤادي ** كفعْلِ يزيدَ في آل النبيِّ




فقلت على قافيته، من باب النسيب، متخلصاً الى امتداح مولانا شهيد الطف، أبي عبدالله الحسين، عليه وآله السلام :

غزالٌ صَادني بعد العُشَيّ ** بسهْمٍ طائشٍ كالسَّمْهريّ

رَماني في الفؤاد بلا حياءٍ ** بأنظارٍ أصابتْ مقلتيِّ

مفتّرةٍ يصعّدُها ويرْخِي ** ويغمِزُني فترجفُ راحتيِّ

فقلتُ لها وقد ملكتْ زمَامي ** وشدّتْ في وثاقٍ أخمصيِّ

(لقد فعلَتْ جفونكِ في فؤادي) ** فعالَ الفاتك البطل الفتيِّ

أشَبّهُ طعنةً نجلاء منك ** (بفعلِ يزيدَ في آل النبيِّ)

غداةَ عياثهم فيهم نَهاراً ** وقد مُنِعُوا عن العذْبِ الشهيِّ

تفدِّي سيدَ الشهداء نفْسي ** وأهلي .. كلُّ ما ملكتْ يديِّ

فطمتُ النفسَ إلا من هواه ** فلا تسْلُو عن القَرْم الزكيِّ

سلامُ الله يغشَاهم كراماً ** سُراةً طُهّروا من كل غيِّ

قصَرْتُ على محبتهم فُؤادي ** فهم مني نزولٌ في الحُشَيّ


محمد باذيب
جدة، منتصف ليلة الأربعاء 29 جمادى الآخرة 1434هـ

سلاماً يا تراب الشام - قصيدة

نتيجة بحث الصور عن حرب الشام سوريا




سلاماً يا تراب الشام



شعر / محمد باذيب







أيها الغادي إلى ذات الجبين ** لا يبالي بجراح المسلمين

لا و لا يدري عن الأمر الذي ** بات منه الشام مقطوع الوتين

أيها الهانئ نوماً سارحاً ** اذكر الشام ومدمعها الحزين

جرح أرض الشام جرح غائر ** نتلوى منه حيناً بعد حين

ليس نسلو عنك يا سلواننا ** كيف نسلو والدماء وسط العجين!!


* * *

رب سلم أهلنا في شامنا ** رب سلم يا غياث العالمين

رب فاحقنها دماءً أهرقت ** رب سلمها نفوس الطاهرين

رب وارحم صبية ذاقوا العنا ** وأيامى رملت في الغابرين

وشباباً أزهقت أرواحهم ** لا لشيء غير إفساد مشين

فانتقم يا حي ممن أفسدوا ** خذهم اللهم أخذ المجرمين

رب عجل نصرنا في شامنا ** رب فاحقنها دماء الصابرين

ما لهذا الخطب إلا ربنا ** حسبنا دون العباد الخاذلين

لا عزاء يا مروءات الأولى ** عدلوا بالشام قوماً ظالمين

تب قوم خذلوا شام العلا ** رب لا تبق البغاة الحاقدين

رب دمر حزبهم فرقهم ** رب شتت شمل قوم شامتين

* * *

وسلاماً يا تراب الشام يا ** موطن القوم الكرام الصالحين

محشر الناس على ساحاتها ** وبها سارت جموع المرسلين

يا تراب الشام يا مسكا غدا ** فوحه يشجي قلوب العاشقين

محمد باذيب
صبيحة الاثنين 26 جمادى الآخرة 1434

رثائي لسيدي الأستاذ السيد حامد بن أحمد مشهور الحداد (1352 – 1434هـ)



رثائي لسيدي الأستاذ
السيد حامد بن أحمد مشهور الحداد
(1352  1434هـ)
نظم/ محمد أبوبكر باذيب
ألقيت في حفل اختتام العزاء مساء الاثنين
19 جمادى الآخرة 1434هـ





نفدَ الدمعُ أم علاكَ الوجُومُ ** أمْ هو الـحَـيْنُ مقعِدٌ ومقيمُ
أم هيَ الدهْشَة التي تتراءى ** في وجوه تلوح فيها غمُومُ
نزلَ الموتُ واعتلى بفضيلٍ ** وعَليمٍ، يا نعْمَ ذاك العليمُ
إن هذا الحمامَ جِدُّ ولوعٌ ** باصْطفاء الكرامِ؛ جدُّ غشومُ
يا لها الله من حتُوفٍ توالتْ ** يا لنا الله كم علتْنا همومُ
* * *
ومضَى حامدٌ إلى خير داعٍ ** ومضى حَامدٌ فتاهتْ حلومُ
حامدُ الفضْلِ والمكارم أمسَى ** رهْنَ قبر؛ أغابَ ذاك الحليمُ!!
أتُرانا في ذا المقام نرثِّيهِ ** أم تُرَثَّى محابرٌ ورسومُ؟
كانَ ما كان .. ذاك مَرُّ نسيمٍ ** كاملُ اللطفِ، ذاكَ مسكٌ شميمُ
* * *
أيها القَومُ، ما وقفتُ خطيباً ** لا؛ ولا واعظا، فوعظي سقيمُ
ذا مُقامي مؤدّياً لديونٍ ** إن غمْطَ الديونِ وصفٌ ذميمُ
فديونُ الفقيدِ قد غمَرتْني ** وعطاءُ الفقيدِ جزلٌ عميمُ
كم غَشِينا مجالساً كان فيها ** هالةَ البدر، إذ تحيط النجومُ
* * *



أصْلُه الأصل؛ عالياتٌ ذراهُ ** مجدُه المجْدُ؛ والفخار الصميمُ
فأبوه المشْهورُ قد شادَ عزًّا ** ذلكَ القطبُ سرُّنا المختومُ
ألجينٌ عروقُه أم نضَارٌ ** أم هُو الجوهَرُ الفريدُ اليتيمُ
بل هو الفرْدُ في مقامٍ ترقَّى * لا يجاريه في عُلاه الغريمُ
إن تلفّتَّ باحثاً عن قسيمٍ ** فمحالٌ لذا الحبيبِ قسيمُ

* * *

قلبُ صبراً فما لجرحِكَ راقٍ ** نفسُ صبراً إذا كثرن الكلومُ
إيهِ يا حامدَ الفضائل والجو ** دِ ويا خَدينَ العُلا فأين ترومُ
تلكَ قيدُونُ تندبُ اليومَ حـ ** ـظًّا وشبامٌ وجِدّة وتريمُ
* * *
أيها الساربُ المغِذُّ مَسِيراً ** يا عَجُولاً ركابه مخطومُ
يا فقيداً على القلوبِ عزيزاً ** فقدُكَ اليوم ذاك فقد أليمُ
كنتَ نوارً وكنت فينا سراجاً ** وملاذاً إذا غشينَ الغيُوم
كنتَ سُلواننا وكنتَ أبانا ** رأيُكَ الرأيُ واضحٌ وقويمُ
فستبقَى ذكراكَ نصْبَ خيالي ** وجهُكَ السمحُ، شخصك المرحومُ
ثبتَ العهد بيننا ما حَيينا ** إن طبعي على الوفاء مقيمُ
عُقِد الودُّ بيننا في سماطٍ ** مدَّه السيدُ الجليل الحشيمُ
فكرَعْنا من الصفاءِ كؤوساً ** أشبعَ الروح شِرْبُها والطعومُ
* * *
رحماتٌ من الإله تغشَّى ** في جنان المعلاة حيث الحطيمُ
روضَةَ الطاهِرينَ من آل طَه ** هم كرامٌ عطاؤهم مقسومُ
حلَّ فيها من الرجالِ ألوفٌ ** كلهم في الصلاح عِدٌّ عظيمُ
يا آل مشْهورِنا صلاةٌ عليكم ** بعد طه يغشاكم التسليمُ





في وداع أستاذي الجليل السيد حامد بن أحمد مشهور الحداد (ت 1434هـ) رحمه الله


في وداع أستاذي الجليل
السيد حامد بن أحمد مشهور الحداد

بقلم محبه الأسيف / محمد أبوبكر باذيب
عليكره، الهند، 27 أبريل، 2013




عن سن ناهز الثمانين عاماً، كانت وفاة الكاتب الشاعر الأديب، والعالم المؤرخ، السيد حامد بن أحمد مشهور الحداد، رحمه الله تعالى. وذلك مساء يوم الجمعة 16 جمادى الآخرة سنة 1434هـ. كان الفقيد من مواليد مدينة قيدون بحضرموت، وتربى في حجر أبوين كريمين، وتلقى تعليمه الأولي على يد جده لأمه العلامة السيد عبدالله بن طاهر الحداد (ت 1367هـ) الذي رعاه في الفترات التي يكون فيها والده العلامة السيد أحمد مشهور الحداد مسافراً للدعوة إلىٰ الله خارج وطنه. فعلى يدي أبيه وجده، كان تخرجه العلمي، ونضوجه الأدبي والفكري. كما صحب في مدة حياته عدداً من العلماء الأجلاء، وجالسهم وانتفع بهم، كجده (أبي زوجته) مفتي جوهور السيد الإمام علوي بن طاهر الحداد (ت 1382هـ)، والعلامة السيد علوي المالكي، والسيد الجليل قاضي القضاة في زنجبار البوسعيدية الحبيب عمر بن أحمد بن سميط (ت 1396هـ)، وغيرهم رحمهم الله.
(1)
في السبعينات الهجرية، قدم السيد حامد مشهور وهو في العقد الثالث من عمره إلىٰ أرض الحجاز، وأقام في مدينة جدة، حيث التقى بأخيه السيد علي، وتنقل الأخوان في عدد من الوظائف والأعمال الخاصة، ثم افتتحا لهما عملاً تجارياً خاصاً بهما، وتيسرت لهما ولأسرتهما سبل العيش الكريم في هذه البلاد المباركة.



مع خوضهما غمار الحياة العملية، لم يكف السيدان عن متابعة مجالس العلم والأدب، وارتياد حلقات الفقه والحديث التي تكتنفها مدينة جدة، وغيرها من الحلقات التي تقام في الحرمين الشريفين. وكان أبوهما العلامة الداعية الجليل، حريصاً كل الحرص على متابعة أبنائه حيثما حلوا وأقاموا، فيراسلهم تباعاً، ويطمئن على استقرارهما النفسي ومجتمعهما العلمي قبل العملي. كما كان يتردد عليهما في جدة عند قدومه من أرض مهجره في شرق إفريقيا حيث قضى ما يربو على الستين عاماً هناك، داعياً وقائما بواجب الإرشاد والتعليم الإسلامي في أقطار شرق إفريقيا: كينيا وأوغندا، وما جاورها.
(2)
من الوظائف المكتبية التي زاولها السيد الفقيد رحمه الله، وظيفة في المكتب الخاص للشيخ محمد بن لادن رحمه الله، تحت إدارة الشيخ أحمد بامفلح.


الشيخ أحمد بامفلح

وفي تلك الأثناء تعرف بحكم علمه وأدبه، وعلاقة الشيخ بن لادن بمختلف شرائح المجتمع الحجازي، على أدباء حجازيين، من أمثال العواد، وفؤاد شاكر، وطبقتهما، وكانت تدور بينهم وبينه حوارات ومجالسات أدبية غاية في الرقي والسمو. ثم بعد برهة أصبح كاتباً مرموقاً في صحيفة البلاد السعودية، التي نشرت له العديد من المقالات والقصائد الشعرية، وجرت في بعض الفترات مساجلات وردود أدبية بينه وبين بعض أدباء مكة المكرمة، كان رحمه الله يحتفظ بقصاصاتها إلىٰ أواخر أيامه بعد مضي أكثر من خمسين عاماً على نشرها.
(3)
كما كان للفقيد رحمه الله تردد على أرض الكنانة، وكان يكثر الجلوس إلىٰ أدبائها وعلمائها، كمفتي الديار المصرية الشيخ حسنين مخلوف (ت 1410هـ) رحمه الله، الذي كان من أصدقاء أبيه، وقدم لرسالته النافعة المسماة (مفتاح الجنة) التي ترجمت إلىٰ عدة لغات وحصل بها نفع عظيم.
وفي مصر، تعرف السيد حامد على ناشر مصري يدعى الحاج فايق، كانت لديه مطبعة، وكان محباً للشيخ مخلوف، فعقدت بينهما صداقة أثمرت صدور كتابه الأول (دراسات عن العرب والإسلام في شرق إفريقيا)، الذي صدرت طبعته الأولى حوالي سنة 1390هـ، محلاة بمقدمة للكاتب الشهير الأستاذ أنور الجندي، مؤرخة في رجب 1389هـ، وكان الناشر هو الذي استكتب الجنديَّ بعد أن عرض عليه الكتاب ليقدمه لجمهور القراء. كان ذلك الكتاب حصيلة عمر قضاه السيد المترجم في عنفوان شبابه إلىٰ جوار أبيه في شرق إفريقيا قبل أن يتوطن مدينة جدة. وكان تأليفه لهذا الكتاب بعد أن رأى وسمع الكثير من التساؤلات في بلاد العرب عن إخوانهم من عرب ومسلمي شرق إفريقيا، وعن أوضاعهم الدينية والاجتماعية، فجاء كتاباً وافياً بالمطلوب.



قال الأستاذ أنور الجندي رحمه الله في مقدمته: .. إن المؤرخين والباحثين يتوقعون أن تصبح قارة أفريقيا في القريب هي قارة الإسلام، ولكن الجهود المبذولة لمواجهة الخطر تحتاج فعلا الى دراسات واسعة، والى بحث مكثف، ومن هنا جاء فضل هذا البحث العميق الواسع الذي قدمه صديقنا الأستاذ حامد بن أحمد مشهور الحداد، والذي يكشف عن مخططات النفوذ الأجنبي في شرق أفريقيا، وعن الدور الإسلامي الكبير الذي يقوم به المسلمون من أجل دحض هذا الخطر التبشيري الماحق، وتثبيت دعائم الدعوة الإسلامية.

(4)
وظل ذلك الكتاب القيم أربعة عقود في ثوب طبعته التجريبية التي أصدرها الحاج فايق، إلىٰ أن تفرغ السيد الفقيد رحمه الله للعناية بكتابه القيم ذاك، فأخرجه في حلة بهية، بعد أن زاد في مادته العلمية ما يقرب من الضعف، فجاء في 750 صفحة، يزهو برونق الطباعة الحديثة، مزودا بصور متنوعة لأعلام ومواضع في شرق أفريقيا.



وكان لكاتب السطور شرف الإشراف على مراجعة وتصحيح هذا الكتاب وإعداد صوره تحت عناية المؤلف رحمه الله، وصدرت هذه الطبعة المزيدة عن دار المنهاج، بجدة، سنة 1428هـ/ 2007م.
(5)
أثناء إعداده للطبعة المزيدة من كتابه السابق عن شرق إفريقيا، كان الفقيد رحمه الله قد أعد العدة للكتابة عن أبيه الجليل، الداعية الذي عرفته مجاهل أفريقيا وبلدانها، سواحلها ودواخلها، شواطئها وأدغالها، داعياً إلىٰ الله، ومذكراً ومرشداً إلىٰ سبيل الله، العلامة أحمد مشهور الحداد، المتوفى بمدينة جدة يوم الأربعاء 14 رجب سنة 1416هـ، ودفين جنة المعلاة بمكة المكرمة. كان العلامة السيد أحمد مشهور عضواً في لجنة المساجد في رابطة العالم الإسلامي، وشهدت له قاعات الرابطة خطباً ومشاركاتٍ عديدة، وكان من أصدقائه الشيخ محمد علي الحركان، والشيخ محمد صالح قزاز، وبينه وبين المذكورين أخوة وصحبة في الله، كما توجد بينهم قصائد شعرية، ومساجلات أدبية، تنبي عن عظم ومتانة العلاقة بين أولئك الرجال الأفذاذ المخلصين.



وضع السيد الفقيد حامد رحمه الله، كتابه عن أبيه وسماه (الإمام الداعية الحبيب أحمد مشهور الحداد صفحات عن حياته ودعوته)، وجاء في مجلد فاخر بلغت صفحاته 623 صفحة ومعها ملحق بالصور في آخر الكتاب. وتولت نشره دار الفتح، الأردن، وصدر عنها في طبعته الأولى سنة 1424هـ/ 2003م. مع مقدمة لفضيلة السيد العلامة عمر بن حامد الجيلاني، حفظه الله. وازدان بتقاريظ متنوعة لعدد من العلماء الأجلاء، منهم العلامة أحمد بن علوي الحبشي رحمه الله، والعلامة الداعية السيد محمد سعيد البيض رحمه الله، والسيد العلامة حسين بن محمد بن هادي السقاف حفظه الله، كما تضمن كلمة لسعادة الدكتور محمد علي البار، أحد أصدقاء المؤلف، ومن تلاميذ والده الداعية الكبير.
(6)



وكان آخر ما صدر من نتاج قلمه كتاب (الحضارة الإسلامية وثوابتها أمام تحديات الحضارة والعولمة الوافدة)، صدر عن دار المنهاج أيضاً، في طبعته الأولى، لسنة 1429هـ/ 2008م. ويقع في 238 صفحة.
(7)
كما كان من مظاهر بره وقيامه بواجب إخوانه وأصدقاء عمره، سعيه في نشر ديوان صديقه الشاعر السيد أحمد بن علي بافقيه، المطبوع بعنوان (صدى السنين ورجع الأنين)، الصادر عن دار الفتح، الأردن، في طبعته الأولى لسنة 1430هـ/ 2009م، في مجلد لطيف بلغت عدد صفحاته حوالي 220 صفحة. كان لكاتب السطور القيام بالتصحيح والتقديم والإشراف على الطباعة، كما ازدان الديوان بمقدمة للسيد عمر الجيلاني، والشيخ محمد بن أحمد بافضل (أبوطارق)، وهما من إخوان الشاعر بافقيه وأصدقائه. وهذا لون اجتماعي أدبي متميز، فيه رونق العلم، وحلاوة الأدب، وطلاوة الأخوة والمحبة.



كما طوقني منة أخرى من مننه، بأن قدم لكتابي الذي أفردته عن حياة السيد أحمد عمر بافقيه، بمقدمة قيمة، أضفت على الكتاب رونقاً وقيمة أكبر ..

هذا ما نشر لفقيدنا الراحل رحمه الله، ولا يزال له من المؤلفات التي تنتظر دورها للنشر: ديوان شعره، وكتابان في مناقشة بعض المؤلفين من الغلاة التكفيريين والطائفيين، نرجو أن ترى النور قريباً بإذن الله تعالى. وقد أوكل رحمه الله مهمة التصحيح والمراجعة والإخراج لكاتب هذه السطور، فأسأل الله تعالى أن يعينني على تحمل هذه الأمانة والقيام بحقها.
* * *
رحم الله فقيدنا الكبير العزيز على قلوبنا، وتلقاه بروح وريحان، وأسكنه فسيح الجنان، وخالص التعازي نقدمها لإخوته السادة الكرام علي وعبدالقادر وحسن، ولابنه السيد علوي، ولكافة أسرته وأقاربه ومعارفه ومحبيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.



سمْطُ العلا قد زانَ فيك - قصيدة في سيدنا الحبيب زين بن سميط متع الله بعافيته


سمْطُ العلا قد زانَ فيك




التقط أحد الأحباب هذه الصورة للحبيب العلامة زين بن سميط، مغادراً موقف التسليم من أمام المواجهة الشريفة ، وقسمات وجهه تنبي الناظرين الى الحال التي كان عليها، نفعنا الله بحب صالحي عباده ..

وقد قلت فيه:

حلّقْ على هَامِ الورَى وترنّمِ ** وامدَحْ أُهيلَ الجود صَافي المغنمِ

وامدَحْ فرُوعاً للحبيبِ المصطفى ** أنوارُهم لاحَتْ بأبهى مبسَمِ

أبناءَ حيدرَة الهمامِ المرتضَى ** أنجَالَ فاطمة الشّفيقة فاعلمِ

شرُفَتْ بهم أنحاءُ كوكَبِنا فهُمْ ** حمَّالُ ألوية الطّريق الأقومِ

مثلَ ابنِ إبراهيمَ قرْمٌ بارعٌ ** في العلْمِ والخلُقِ الأتمّ الأكرمِ

زينُ الصفاتِ وذاتُه إبريسَمٌ ** كالبلْسَمِ الشافي لكل متيّمِ

لا تلفِه إلا نزيلَ ضيافة ** قدسيةٍ عندَ الرّؤُوفِ الأرحَمِ

يهناكَ يا جسدَ الحبيب بهَالةٍ ** من فيضِ أنوارِ الرسُولِ الأعظَمِ

كرَمُ النِّجَار وطيبُ أصْلكَ فائحٌ ** فانشُقْ شذا الطيبِ الشَّميمِ الأفخَمِ

سمْطُ العلا قد زانَ فيك وزنْتَه ** زينَ الورى، فاسلم ودم وتنعّمِ

يا ربّ فاحْفَظ شيخنا وامدُدْ له ** من واسعِ الفضْلِ الكريم الأدْوَمِ

صلى الإله على الحبيب وآله ** فالهج بأذكار الصلاة وسلّمِ

محمد باذيب
ضحى الاثنين 12 جمادى الآخرة 1434هـ

مآسي تراث حضرموت - تتمة لمقال سابق







محمد باذيب
18 مارس، 2013


بعد أن نشرتُ على صفحتي في (الفيس بوك) مقالة سابقة بعنوان (مآسي تراث حضرموت)، كتب أحد الغيورين [يكتب تحت اسم مستعار: تاج العرب] قائلاً:
(فليسمح لي أهل حضرموت:
هذا الجزء المنير في الجزيرة العربية كلها لا اليمن وحده .. أن أعتب قليلاً .. فأقول:
إن السادة الأشراف آل باعلوي وتلامذتهم ومريديهم، عرباً وغير عربٍ، لم يقصروا يوما في بذل العلم والجاه، ورفْعِ شأن حضرموت واليمن عموماً ..
* حتى علا وجاوز الأفلاكا .. *
لكن .. التجارة وجمع المال لم تكن يوما لهم غاية ولا هدفا، بل العلم ثم العلم ثم العلم.
والعتب موصول بالعجب .. أيها الإخوة ..
إن أغلب تجار السعودية، في جدة، والعالم العربي، والأكثر تميزاً وشطارةً وجدارةً، وكثرةَ مالٍ .. هم من الحضارم، ما شاء الله عليهم، وبارك لهم فيما أعطاهم، لكنهم قد أضربوا صفحاً عن حضرموت، بلدهم، منطلقهم، ومنطلق أجدادهم المبارك إلى أنحاء العالم، بل واليمن عموماً.
ولا عذر لهم؛ بعد أن ذهبت الشيوعية الملحدة وولَّتْ من عقودٍ، ولم يكن لعلي صالح مانعٌ أن يجعلوا حضرموت أيقونةً زاهيةً، شريطة أن يمِدّوه بالمال، ويجعلوا اسمه كرئيس عالياً .. فما بالهم عمروا الدنيا وبيتُهم [حضرموت] :
** أخنى عليه الذي أخنى على لبد **
أيها الإخوة:
إن حال كثير من علماء السادة الأشراف آل باعلوي اليوم وعلماء حضرموت في اليمن وخارجها يحزن ويتعب النفس.
وكذلك حال مكتبات حضرموت ودور العلم فيها ومساجدها فأين أثرياء حضرموت!؟؟ ولو شئت لعددتُ لكم المئات منهم هاهنا، أموالهم تغطي الجزيرة العربية كلَّها !!

فما هذا العقوق لحضرموت العلم، والإنسان، والمكان، والتاريخ؟! أهي السياسة؟؟ أم الخذْلان؟؟ أم عدم البركة؟! أم الترف الذي يفسد الأجيال؟!! أم كل ذلك ؟
لست أدري!!!!!!!
فحرامٌ وإنْ قَدُم العهد ** هوان الآباء والأجداد!)

فأجبته:
أيها التاج .. لقد أسمعتَ لو .. ولكن لا حياةَ .. !!
تكلمنا جهراً وخفاءً .. فلا من مجيبٍ، ولا من مستمع.
شحتنا الميارديرات الحضارمة شحْتة .. أن ينقذوا المخطوطات من النهب، وبالأخصّ تجَّار دَوعن ذوي المليارات .. البيوت في دوعن تسقط من الأمطار وعوادي الزمن، ولخلوها من السكان ,, وهي حُبلى بالكتب والضنائن .. فتسرق في رابعة النهار .. وهم يتجوَّلون في الودْيان يلتقطون الصور التذكارية.

وأذيل على بيت المعري:
فقبيحٌ بنا وإن قَدُمَ العَهْدُ ** هوانُ الآباءِ والأجدادِ

فأقول:
بُحَّ صَوتي وصوتُ كلِّ مُنادِي ** أنقِذُوا حضْرَموتَ قبل التمادي

أنقِذُوا منْ تُراثها ما نراهُ ** سَارحاً في مخازن الأوغادِ

يلتقِطْه السّرَّاقُ من كل فجٍّ ** ويطُوفون في طِلابه كلَّ وادي

يمتَطُون البيوتَ مغرِبَ شمسٍ ** ينهبُونَ التراثَ نهْبَ الأعادي

يبذُلون الدُّولار غَضاً طرياً ** وبِه يفتَحُون غَلْقَ الأيادي

كمْ رأينا وكمْ صرَخْنا ولكن ** كان نفْخاً في مجْمَرٍ للرَّمادِ

لا عزاءً .. تجارَنا  !! لا عزاءً ** سوف تبكُونَ بعد هذي العوادي

فاكنزوا أموالكم فليس حراماً  ** ما جمعتُمْ يصير رهْنَ النفادِ

شادَ من قبلَنا الديارَ وولَّوا ** هل رأيتُمْ مخلَّداً في البلادِ؟!

يخلُدُ الفضْلُ والعلُومُ وتَبقى ** أبدَ الدهرِ نَافعاتِ التِّلادِ

خلَّد الذكْرُ بعْضَ قومٍ كرامٍ ** خدَموا العلْمَ أخلصُوا للمرادِ

فازَ أسلافُنا ونحْنُ عجَزْنا ** عن سباقٍ وعن هدًى وازديادِ

هل تُرانا نرُدُّ بعضَ وفاءٍ ** لتراثِ الآباء والأجدادِ ؟؟!!

أملٌ لا يزال يحدُو فهَلَّا ** قامَ ندْبٌ وقال: عزِّي بِلادي !!

سوفَ نحْمي تراثَنا باقتدارٍ ** لا نُبالي .. فالمالُ بعْضُ الزادِ !

إنّه العزْمُ قائدٌ للمَعالي ** ليس للعزْمِ بائعٌ في المزادِ

نفْسُ حرٍّ تصَارعُ الصَّعْبَ حتى ** تصْرعُ الصَّعْبَ لا تني للرقادِ

شمَّروا للعُلا هناكَ شبابٌ ** وبعَزمِ الشبابُ مجدُ البِلادِ


محمد أبوبكر باذيب. عليكره، الهند.
فجر الاثنين 6 جمادى الأولى 1434

ربوعَ الهنْدِ قد حانَ الوداعُ - قصيدة



ربوعَ الهنْدِ قد حانَ الوداعُ

نظم محمد باذيب
عليكره، 31 مارس، 2013




ربوعَ الهنْدِ قد حانَ الوداعُ ** وقد طالَ التصَبُّر والنّزاعُ
* * *
ربوعَ الهند كم لكِ من مَزايا ** وكم شيدَتْ بأرضيك القلاعُ
وكم ملكٍ وسُلطانٍ قديماً ** صنيعُ المكرُماتِ لهم طِباعُ
ولي في سَادةٍ حَلّوا ثراها ** مآثر أرْعفَتْ فيها اليراع
وكَمْ في العَصر مأثرة أقيمَتْ ** وفيكِ معاهدُ العلْمِ اليفَاعُ
(مظَاهِر للعلوم) بكل صُقْعٍ ** و(دارٌ للعلوم) لها ارتفاعُ
(ديُوبَند) المعالي ما كَماها ** بلادٌ قد خلتْ منْها الرعاعُ
وتلكَ (الندوةُ) الغراءُ تغري ** وفُوداً لا يرى فيها انقطاعُ
مليبارُ الجنوب بكُاليكُوتٍ ** مئاتُ مدارسٍ فيها انتفاعُ
وفي حيدَرآبادَ حديثُ مجدٍ ** بـ(دائرة المعارف) قَد أشاعوا
لسَانُ الحال ينشدني مقولاً ** (أضَاعوني وأي فتى أضَاعُوا)
(علِيكَرةُ) الدروس بها فنونٌ ** و(آزادٌ) بها حفظت رقاعُ

وللنعماني شبليٌ أيادٍ ** على العلم الشريف له اطلاعُ

فدارُ مصنّفينَ لها اشتهارٌ ** بـ(أعظم كره) بها علمٌ مشاعُ
* * *
أغادِرُها وقد مرّتْ شهورٌ ** وقد ضَاق الفضَا والاتساعُ
تطاولني البعادُ وضقْتُ حتى ** تعوَّدني من الملَلِ صُداعُ
شهورٌ عشْرةٌ وازدادَ شهرٌ ** تخللها مضيٌّ وارتجاعُ
مضَتْ لي مدّةُ السنتين تِـمًّا ** فِطاماً بعد ما تمّ الرضاعُ
وزيد سنيهَةٌ فارقتٌ فيها ** حبيباً بعْدُه سمٌ نقاعُ
وأولاداً تركتُ وراء ظهري ** وأكباداً يحرقها التياعُ
وطِفلاً يجرعُ العبراتِ صَبْراً ** وأماً ليس يشفيها السماعُ
وقَلباً يقطعُ الأيام عدًّا ** وخِلاً ليس تحويه البقاعُ
يقلّبُ ناظرَيه ضَنًى وشوقاً ** وهل للشوقِ صَبرٌ يستطاعُ!!
مقَاديرٌ تُصَرَّفُ في البرايا ** وفي الأقْدارِ كَم يمتدُّ باعُ
رَضينا قسْمةَ الجبّارِ فينَا ** لنا علمٌ وللغَيرِ المتاعُ
* * *
وداعاً يا ربى دِلْهي ويُوبِي ** سأذكرُكِ إذا لمعَ الشعاعُ
رُبوعَ الهنْدِ قد حانَ الوداعُ ** فصُونِي العهْدَ أيتها البقاعُ

محمد باذيب؛ ليلة مغادرتي مدينة عليكرة


19 جمادى الأولى 1434هـ = 31 مارس 2013م

عزّةُ النفس - درس مستفاد من شيخنا الحبيب حسن الشاطري رحمه الله


عزّةُ النفس

بقلم/ محمد باذيب
عليكره، 26 مارس، 2013

كنت يوماً من أيام مجاورتي في حرم الإقليم، الغناء تريم، حرسها الله، حاضراً في روحة شيخنا ومربينا، العلامة الجليل، ذي الهمة  العلية، والمجالس البهية، الحسن بن عبدالله الشاطري (ت 1425هـ)، رحمه الله وأثابه رضاه ..

العلامة الحسن الشاطري رحمه الله


وجرى ذكر الهجرة الى الجهة الجاوية، وتجشم الحضارمة المتاعب في أسفارهم ورحلاتهم، وما جرى لبعضهم من استيطان فيها، وعدم رجوع وأوبة الى أوطانهم، وما يدور في هذا الموضوع ..
فقص علينا رحمه الله عن أشياخه، يحكونها عن الحبيب عمر بن حسن الحداد (ت 1307هـ) إن لم تخني الذاكرة:
 أنه أرسل بعض أولاده إلى جاوة، لإقامة أسباب المعيشة هناك، وإمدادهم بما يقوم بقوتهم في حضرموت. فجاء بعض الأعيان إلى الحبيب المذكور، وقال له: يا حبيب، كيف ترسل أولادك إلى جاوة، وأنت تسميها في مُذَاكَراتك: الأرض الحابسة!!.
فأجابه الحبيب: يا ولدي، الأرض الحابسة، ولا الأيدي اليابسة، والوجوه العابسة!!.

فأطلقها مثلاً ..

وللمتقدمين من السلف الصالح أمثلة كثيرة في المعنى، منها قول الإمام بشر بن الحارث، الحافي، رحمه الله: 
أقسِمُ بالله لرضْخُ النّوى ** وشُرْبِ ماء القلُبِ المالحَةْ

أعزُّ للإنسانِ من حرْصِه ** ومن سُؤالِ الأوجُهِ الكالحَةْ

فاستَغْنِ بالناس تكُنْ ذا غنًى **  مغتبطاً بالصفْقَة الرابحَةْ(1)

الهوامش:
(1) أخرجه بسنده إليه: الحافظ ابن عساكر، في تاريخ مدينة دمشق: ج ٤١ / ص 466.