السبت، 1 مارس 2014

قصيدة (المهاجر) للشاعر اللبناني حليم دموس (1377هـ) ..


قصيدة (المهاجر)

للشاعر اللبناني حليم دموس (1377هـ) .. 


مؤثرة ومعبرة








الى عشاق الأدب .. وذواقة الشعر الجميل .. 
الى قومي الحضارمة الذين منيت أواطانهم بهجراتهم المتكررة .. 
الى كل نازح عن أرضه ووطنه .. 
هذه قصيدة تقطع نياط القلوب .. وتستفرغ ماء الشئون .. كتبها شاعر أديب من نصارى العرب .. من مسيحيي لبنان .. الذين هاجروا إلى أمريكا الجنوبية ثم عاد إلى بلاد العرب، ومات ببيروت، مسقط رأسه، هو الشاعر العربي الفحل الأستاذ حليم دمُّوس(1). وجدت هذه القصيدة الجميلة المؤثرة .. في كنانيش أستاذي المرحوم السيد الأستاذ القدير، أحد عمالقة الصحافة العربية في المهجر الشرقي .. وفي الجنوب العربي .. أستاذي أحمد عمر بافقيه (1912-2006م) رحمه الله .. إن اختيار الأستاذ لهذه القصيدة ضمن كناشه، دليل على إعجابه بها، ولعلها تكشف لنا عن دوافع الهجرة والاغتراب الكامنة في نفسيتهوقد نشرتها في كتابي الكبير الذي ضم أحداث حياته ومقالاته ..
وهاأنذا .. أعيد نشرها هنا .. ليطلع عليها من لم يقف على الكتاب.

المهاجر
للأستاذ الشاعر حليم دموس
وقد ربحت هذه القصيدة جائزة مستشفى ربين السنوية عام 1927م:

هجرَ الروضَ وعافَ الثمرةْ ** وليالي أنسه المزدهرةْ
ومضَى يضرِبُ في آفاقها ** ولسانُ الدهر يروِي خَبرهْ
ركب الأهوالَ سيراً وسرَى ** نادباً تلك الربوعَ النضِرةْ
وهو لا يدري أيقضي لهفاً ** أم منَ الدَّهر سيقضي وطرهْ
يلتقيهِ بين أشواقِ الردَى ** والردَى يُنشِبُ فيه ظُفُرَهْ
* * *
بحياتي هاجرٌ مغترِبٌ ** غالبَ الدهر ولاقى عِبَرهْ
كان في موطنه معرفةً ** وهو في المهجرِ أمسَى نكِرةْ
ألفَ الأسفارَ حتى راضَها ** واستذلَّ البحرَ حتى حيَّرهْ
وهو في الفجرِ يناجي شمسَه ** وهو في الليلِ يناجي قمَرهْ
يَـحْطِم اليأسُ جناحَيه كما ** تحطِم الريحُ أصولا نخرةْ
* * *
قفْ على الشاطئ واشهد ساعةً ** موقفَ التوديع وارسُم صُوَرهْ
وانظرِ البحرَ فكم سَارتْ به ** سفنٌ في عَرضِه منتشِرةْ
تحملُ القومَ جموعا وعَلى ** مَوجِها أدمُعُهم منهمِرةْ
هجَروا الأوطانَ في محنَتِها ** لينجُّوا أمةً محتضرةْ
بينما عقدهُمُ منتظمٌ ** إذ تراهُ درراً منتثَرةْ
* * *
ما انتفاعُ الأم من أبنائِها ** إن تناءوا، وهي عندَ المقبرةْ ؟
يرجعُ الليثُ إلى غابتِه ** بعد أن يطوي الفيافي المقفِرةْ
وتغيبُ الطيرُ عن أفراخِها ** لتوافيها بأشْهى ثمَرةْ
ويصانُ الدرُّ في أصدافِه ** ثم يجلَى كالدراري النيرةْ
هكذا النازحُ عن أوطانه ** يذكر الربْعَ ويهوَى أثرهْ
* * *
رُبَّ أرضٍ حُسِبتْ حنظلة ** وهي لو تُسقى لكانتْ سُكَّرةْ
وركازٍ تحت أطباقِ الثرى ** باتَ في صدر الغواني جَوهرةْ
وبلادٍ لو حمَاها أهلُها ** لاستحالتْ أمةً مقتدرةْ
* * *
أدرِ الدفَّة يا ربَّانها ** فالحمَى حنَّ إلى من هجَرهْ
أنتم الروحُ لجسمٍ ناحلٍ ** يتعزَّى ببَنيهِ البَررةْ
قُل لمن أثرَوا: أعينُوا وطنا ** أنتم الماءُ لتلكَ الشَّجَرة(2)
* * *
(1) قال عنه الأستاذ خير الدين الزركلي (ت 1396هـ): «متأدب، له نظم كثير، في بعضه إجادة»، مولده في زحلة بلبنان سنة 1305هـ، سافر إلى البرازيل ثم عاد إلى بلده، واستوطن دمشق بعد الحرب العالمية الأولى، ومات في بيروت سنة 1377هـ، له ديوان يعرف بـ«ديوان حليم»، مطبوع، وكتب أخرى. «الأعلام» (2: 270(
(2) يبدو أن الأستاذ بافقيه رحمه الله كان مهتما بشعر هذا الأديب، فقد نشر له في «صحيفة العرب» العدد (8) الصادر بتاريخ 10 رجب 1350هـ (= 19 نوفمبر 1931م) (ص 7) قصيدة أخرى عن اللغة العربية، مطلعها:


لا تلمني في هواها ** أنا لا أهوى سواها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق