السبت، 1 فبراير 2014

طبعات كتاب «إدام القوت» للسقاف وما اعتراها من حيفٍ وسقط وتهذيب لبعض نصوص الكتاب - الحلقة الثانية (رد على مقال الأمانة العلمية عند المدعو محمد باذيب)




ثانياً؛ إدام القوت أعيد تأليفه أكثر من مرة:
إن مما تقرر عندي، بعد إمعان ونظر في نشرات كتاب «إدام القوت»، ومقارنة نصوصه في تلك النشرات، أن مؤلفه ابن عبيدالله السقاف، والذي أمكنني التعرف عليه من النسخ الخطية لهذا الكتاب، ثلاث نسخ، كل منها مغايرة للأخرى في الأسلوب، وجميعها مؤرخة في نفس تاريخ الفراغ من التأليف، في منتصف جمادى الآخرة سنة 1367هـ/ 1948م. الأولى، نسخة هادون بن أحمد العطاس (ت 1417هـ/ 1997م)، وهي بخط مؤلف الكتابِ، ابن عبيدالله السقاف، تقع في (252 صفحة)، ولنسمها (النسخة الأم)، وهذا نموذج منها:



نموذج لخط المؤلف من الصفحة الأولى من نسخة العطاس

النسخة الثانية، نسخة بقلم حنبل بارجاء، أحد جلساء ابن عبيدالله السقاف، ومن أهالي بلده سيون، وعنها نقل عبدالرحمن بن حسن السقاف، حفيد المؤلف، وأحد محققي طبعة الإرشاد، نسخته، وتقع هذه في (940 صفحة)، ونسخة ثالثة اعتمد عليها المقحفي، ولم يصفها.
فأما حمد الجاسر فقد اعتمدَ في نشرته على نصّ (النسخة الأم)، فقط، وأما مكتبة الإرشاد فقد اعتمد محقّقا نشرتها على نسخة لا أدري ما صفتها، وأما مكتبة دار المنهاج، فاعتمدت أولاً على نشرة الجاسر مع مقابلتها على أصلها، (النسخة الأم) في أول الأمر، وعلى ذلك الأساس وضعت تعليقاتي التاريخية، ثم قبيلَ صدور الكتاب، قام الناشر بالمزج بين نصّ (الأم)، وبين النسخة الثانية، التي بقلم الحفيد، وأضاف نصوصاً لم تكن في (الأم)، ومزجها بها، ولم يميزها عن الأصل.
نموذج على تعدد النسخ: في مادة (يشْحَر)، عند حديث المؤلف عن التشيع، وموقف إمام اليمن، الإمام يحيى حميد الدين (ت 1368هـ/ 1948م) منه،   في حق الإمام يحيى حميد الدين:
«وأما الإمام حفظه الله، فإنه لا يعجبُه ذلك، لأنه ليسَ من المتعصبين، بل هو الذي اجتثَّ عروقَ التعصب من بين الزيدية والشافعية حتى عادوا إخواناً، وسلَك فجَّه ولي عهده، وبابُ مدينةِ ملكِه ومجده، ولدُه أحمد، وولدُه زينُ الشباب المأسُوف عليه البدرُ محمد».
فهذه العبَارة أعلاه، إنما وردت في طبعة دار المنهاج (ص 835)، ولم ترِد في طبعة الإرشاد، وكان حقها أن تكون في (ص 465)، كما لم ترد في (النسخة الأم)، ومحلها فيها في (ص 198)، وهذا دليل على أن النسخة الثانية التي وصلتْ إلىٰ دار المنهاج، كانت نسخة ثالثة، مغايرةً للنسخة الأم، ولنسخة المقحفي، محقق طبعة الإرشاد.

نقد نشرة حمد الجاسر:
تحدث إبراهيم المقحفي في مقدمة طبعة مكتبة الإرشاد، ناقداً النشرة التي أصدرها الشيخ حمد الجاسر، وعرَّض في نقده بما وقع في تلك النشرة من إسقاط لبعض نصوص الكتاب، وفي الحقيقة إن رجلا بقامة حمد الجاسر، يثقل على قلم المرء ولسانه رميه بالتلاعب بالنصوص، أو الحذف والبتر، ولا أدري ما هي طبيعة الأسباب التي أدت إلىٰ سقوط بعض النصوص من نشرته لكتاب «إدام القوت». قال المقحفي:
«وإذا كان الأستاذ حمد الجاسر قد نشَر جزءًا يسيراً(1) منه في شَكلِ حلقات بمجلة «العرب» إلا أنه لم يشْمل الكتاب كاملا، بل عمَد فيما نشَر إلىٰ الحذْفِ والاختِصَار، هذا عدَا الأخطاء المطبعية، وعدم التدقيق في تشكيل أسماء الأماكن والأشخاص. كما أن النسخة التي اعتمدها ناشر «العرب» قد افتقرَتْ إلىٰ تلك الزيادات التي أضافها المؤلفُ في نسخته الأصلية وهي إضافاتٌ ذات قيمة أساسية في مادة الكتاب».
وما ادعاه المقحفي من أن نسخته هي الأصلية، فيه نظرٌ، لمَا قدمتُه سابقاً من تعدد نسخ الكتاب، فمن الصعوبة الجزم بأن النسخة الفلانية هي الأصل، حتى تقوم براهين وقرائن صريحة تشهد على صحة الدعوى، وإنما يمكننا أن نسمي إحداها (النسخة الأم)، لأنها بقلم مؤلف الكتاب، كما هو الحال في نسخة العطاس، أما نسخة المقحفي فلا ندري ما هي؟ فهو قد أغفل وصفها، أو حتى إيراد نموذج مصور عنها.
فمن المواضع التي وقع فيها سقطٌ في نشرة الجاسر:
1- الموضع الأول: جميعُ مادّة بلدة (صِيف)، لم ترد في نشرة «مجلة العرب»، وكان حقها أن  تذكر عقِبَ الجدْوَل الذي أورَد فيه المؤلفُ قائمةً بأسْماء القرى الدوعنية وعدد سكانها، قبل مادة (قيدون). وقد انتهى الجدولُ في نشرة «العرب» في (ص 390)، من (المجلد 28) وانتهت به الحلقة رقم (12). وابتدأت الحلقة (13) مستفتحةً بـ(قَيدون) (ص 543)، في نفس المجلد. ومادة هذه البلدة، موجودة في (النسخة الأم)، في (ص 82). كما توجد في طبعة دار المنهاج، في (ص 483)، وفي طبعة الإرشاد في (ص 186).
2- الموضع الثاني: في مادة بلدة (المشْهَد)، فقد حُذفَ بيتان من الأبيات الستة التي أوردَها السقاف، مستشهِداً بها من «رِحْلته الدوعنية» المنظومة، التي مطلَعُها:
توجهتُ من سَيُئونَ في يوم أربِعَاءْ          وأخلصْتُ عند القُطْبِ في الغُرفَة الدُّعَاءْ
وهي قوله:
وعُجْنا إلىٰ الغَيْوَار صبحاً فأطلقُوا


كذَا وكذا عند التحيّةِ مدفعَا

وزرْنا البعِيدَ الصِّيتِ حَامي الحمَى الذي


به صَار من عِرِّيسَةِ اللّيثِ أمنعَا

وكان زعيمُ المشْهَدِ الشهمُ غائباً


مضَى هو والسلطان في رحلةٍ معَا

وكان أثيراً عنده حيثُ أنه


بأخلاقِه لم يبْقِ للظّرْفِ مَوضِعا

سِوَى لحيةٍ فيها يسير زيادة


أُرِيْدَ على تقْصِيرها فتمنَّعَا

وفي جيدِه بالليلِ أبصَرْتُ سبحةً


من الرَّقْشِ خفْنَا أن تدب وتلسعا

فقد تمّ حذفُ البيتين الأخيرينِ من نشْرة «مجلة العرب» (ص 670) من المجلد (28)، بينما هي موجودة في (النسخة الأم) (ص 94)، وفي طبعة المنهاج في (ص 427)، وفي طبعة الإرشاد في (ص 212). ونكتفي بهذا في الكلام على نشرة الجاسر.
_____
(1)  يبدو أن المقحفي لم يعلم أن الجاسر قد نشر الكتاب كله.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق