الأربعاء، 19 يونيو 2013

سَعادة تحب ربها .. (قصة قصيرة من الأدب الشبامي الحضرمي)

سَعادة تحب ربها .. (قصة قصيرة)

بقلم / د. محمد باذيب

هذه قصة واقعية، حدثت في بيت جدي لأمي المرحوم، الشيخ عوض معروف باذيب (ت 1402هـ) رحمه الله رحمة واسعة .. في بلدنا الحبيبة شبام، قصَّتها لي والدتي، وأعدتُ أنا صياغتها ..
* * *
حدثتني أمي . رعاها الله:

قالت: كانت في بيت والدي عدد من الخدم، يأتون من نواحي شبام، والوديان القريبة.
وذات مرة، دخلت البيت امرأة في منتصف العمر، اسمها سعادة، لعلها من وادي بن علي القريب من شبام.
كانت مثل بقية نساء البيت ..  
لا يأتي وقت الصلاة إلا وقد استقامت فوق سجادتها.
سَعادة، كانت خفيفة في صلاتها ..
تنتهي منها في وقت قصير ..
ذلك الأمر لاحظته عمتي (سيدة) رحمها الله(*) ..
فراقبتها بضعة أيام .
حتى تأكدت أن سعادة ثابتة على تلك الحركات ..
لا تختلف يوماً عن يوم ..
* * *
قالت أمي :
في يوم من الأيام ..
جلست عمتي إلى جوار سعادة وهي تصلي ..
وبعد أن فرغت من صلاتها ..
أقبلت عليها، وهي لا تزال في (بنّص) الصلاة ..
جاثية على ركبتيها فوق سجادتها ..

وقالت لها: يا سعادة! ايش تقولين في الصلاة؟
اشوفش تقرأين الفاتحة بسرعة، وتركعين بسرعة
وتسجدين بسرعة ..
ألا تقرأين الفاتحة والأذكار في الصلاة؟

أجابت سعادة، وقد علاها الخجل والوجل ..
وتلعثمت في كلامها ..
وحارت في جوابها ..
* * *
ثم ما لبثت أن قالت:
يا خالة؛ أنا لا أعرف الفاتحة ولا شيء غيرها ..
أهلي ما علموني ..
لكني يوم جيت عندكم، شفتكم وانتم تصلون، قمت لقيت كماكم ..

ولأني لا أعرف ماذا أقول في صلاتي!!
فإني أردّدُ في سرِّي كلاما من عندي، وأقول:
الله أكبر
(سعادَةْ تحب ربها ؛؛ وربها يحبها)!!!
سمع الله لمن حمده:
(سعادَةْ تحب ربها ؛؛ وربها يحبها)!!!

.. الله أكبر .. السلام عليكم ورحمة الله!.
* * *
ثم أخذتها العبرة ..
وانهالت دموعها تبلل نحرها وقميص صلاتها ..

احتضنتها عمتي .. وبكت معها
ثم علمتها كيف تصلي
* * *

ترى كم (سَعادة) تعيشُ بيننا ؟؟؟!!!


هوامش:
(*) تقصد أمي بقولها (عمتي): أختها الكبرى، خالتي رحمها الله .. فقد جرت العادة عند أهلنا في شبام، أن لا ينادى الأخ الأكبر إلا بلفظ (الوالد)، ولا الأخت الكبرى إلا بلفظ (العمة). ولم أسمع أمي تلفظ اسم أختها (حاف) البتة، منذ عقلتُ نفسي وإلى ساعتي هذه. ولم أعقل نفسي إلا وأنا أناديها بلفظ (عمتي) مثل أمي .. حتى عرفت الأمر بعدُ وأنا أناهز البلوغ!!. ولا أدري هل بقيت هذه العادة الحسنة، وهذا الخلق الحميد، في بلادنا إلى اليوم أم لا؟!
.. توفيت خالتي سنة 1406هـ، في الحديدة، رحمها الله رحمة واسعة. وكانت تدعى (أم أبيها)، لقيامها بشئونه وشئون بيته، في حياة أمها وبعد وفاتها سنة 1397هـ. ولها أخبار في حسن التدبير والحصافة والصيانة .. الشيء الكثير. اللهم ارحمهم بواسع رحمتك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق