الأحد، 13 أبريل 2014

مقارنة بين كتابي تحفة الدهر، واللآليء الثمينة، للداغستاني المدني


من كتب التراث الإسلامي، المختصة بالمدينة المنورة وأعلامها وتاريخها، كتاب عنوانه (تحفة الدهر ونفحة الزهر في أعيان المدينة من أهل العصر)، لمؤلفه عمر بن عبدالسلام الداغستاني المدني، (ت بعد 1202هـ/ 1788م)(1).
هذا الكتاب ذكرَه البغدادي في (إيضاح المكنون) وسماه (تحفة الدهر في أعيان المدينة المنورة من أهل العصر)، وتابعه الزركلي بالحرف.



قام الداغستاني بتأليف هذا الكتاب في الآستانة، التي قدمها سنة 1201هـ/ 1787م، بطلب من الخليفة العثماني. وكانت نسخة من هذا الكتاب محفوظة في مكتبة عارف حكمت، ولا تزال، ولعل أحداً استعارها من المكتبة، فشغر مكانها فيها، فظُنَّ أنه اختلسها، كما يشير إليه كلام الزركلي(2)، والحق أن هذه النسخة لا تزال حتى اليوم من مقتنيات مكتبة عارف حكمت، ومحفوظة تحت الرقم 1288 عام. عليها تملك باسم السيد زين صافي الجفري، الذي استنسخ تلك النسخة. وهي في 255 صفحة، كتبت بقلم حمزة بن العربي التفرتي المدني، غير مؤرخة.

تجدر الإشارة إلى أن للداغستاني كتاباً آخَرَ في الموضوع نفسه، وهو كتاب (اللآليء الثمينة في أعيان شعراء المدينة)، وهو مشابه إلى حد بعيد أسلوب وتصنيف كتاب (تحفة الدهر)، فكلاهما يشترك في تخصيص الحديث عن أعيان المدينة المنورة، وبخاصة أدباؤها وشعراؤها، غيرَ أن (اللآلئ) أكثر تخصصاً، حيث أفرد لتراجم الشعراء، وأهمِل من عداهم.

عدد تراجم كتاب (اللآلئ) يبلغ 115 ترجمة، بينما عدد تراجم (التحفة) لا يتجاوز 57 ترجمة. وقد تضمن كتاب (اللآلئ) جل تراجم (التحفة)، ولم يشذ سوى شيء يسير جدا، ولعل لاختلاف النسخ دوراً في هذا، لأن الناظر في الكتابين يقطع جزماً بأن تراجمَ شخصيات (التحفة) ليست إلا مأخوذة من (اللآلئ)، مع اختلاف في العبارة، وإعادة للصياغة. وتاريخ تأليف (اللآلئ) فيما يبدو متأخر عن (التحفة)، فقد أرخ الداغستاني تأليفه بعام 1201هـ/ 1787م، وكان شروعه فيه بعد وصوله إلى إستانبول، حيث طلبه السلطان العثماني للوفود عليه. وأما (التحفة) فلا يعلم تاريخ تأليفها.

تردد اسم عمر الداغستاني لدى بعض المؤرخين؛ فقد أكثر المؤرخ عبدالرزاق البيطار من ذكره في كتابه (تحفة البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) ونقل عنه عدداً غير قليلٍ من تراجم المدنيين من أهل ذلك العصر، وكثيرا ما يكرر عبارة: "وهو من رجال (اللآلئ الثمينة في أعيان شعراء المدينة)، لعمر بن عبدالسلام المدرِّس الداغستاني".  كما استشهد ببعض الأبيات الأدبية والمساجلات الشعرية له ولغيره من مُتَرجَميه، وذلك كثير منتشر في كتاب البيطار. وهو تارة ينقل عنه بدون عزو إلى كتاب بعينه، وتارة يعزو إلى كتابه الآخر (اللآلئ الثمينة).

وأمام التساؤل: هل (تحفة الدهر) هو (اللآلئ الثمينة)؟ فقد ذهب الزركلي(3) إلى أن الكتابين كتابٌ واحِد، منبِّهاً في هامش ترجمة عمر الداغستاني إلى أن البيطار في (حلية البشر) قد سمَّى (تحفة الدهر) باسمٍ آخر هو (اللآلئ الثمينة)، وهذا وهمٌ من الزركلي. فإن عمر الداغستاني له كتابان كلٌ منهما مختلفٌ عن الآخَر، والذي كان ينقل عنه البيطار ويعتمِدُه هو (تحفة الدهر)، وهو أوسع بكثير من (اللآلئ) ومخالف له في الترتيب والتصنيف، كما تم بيانه آنفاً.

قسم المؤلف كتابه (تحفة الدهر) إلى أربعة فصول:
الفصل الأول ـ في السادة الأشراف.
الفصل الثاني ـ في العلماء الطيبين الأوصاف.
الفصل الثالث ـ في العلماء الكرام.
الفصل الرابع ـ في الأدباء الفخام.




الهوامش:
1-    لعل هناك خلطا بين سنة وفاة عمر الداغستاني وبين سنة وفاة أبيه، فإن الزركلي أرخ وفاة أبيه عبدالسلام في سنة 1202هـ/ م نقلا عن مقال الدفتردار، وأرخ وفاة مؤلف التحفة بعد سنة 1201هـ/ م تخمينا منه وأخذا من سنة تأليف الكتاب. على أن محقق كتابه الآخر (اللآلئ الثمينة) قد ذهب إلى أنه توفي قريبا من سنة 1206هـ/ م، وأما البيطار فقد احترز عن التخمين، وتخلص بقوله: "لم أقف على تاريخ مماته". ينظر: البيطار، عبد القادر، حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، تحقيق: محمد بهجة البيطار، جـ 2 (دمشق: د.ت،1380هـ)، 1115 – 1129؛ البغدادي، إسماعيل باشا، إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، جـ 1 (بيروت: دار الكتب العلمية، 1413هـ/1992م)، 247؛ الزركلي، خير الدين، الأعلام، ط 13، جـ 4 (بيروت: دار العلم للملايين، 1409هـ/ 1988م)، 70، وجـ5، 50.
2-             الزركلي، جـ5، 50.

مصدر المقالة:
موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، جـ6، 200-201.

محمد باذيب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق