الثلاثاء، 15 أبريل 2014

والدي؛ و«صحيح البخاري»



منذ نشأنا في حجره، وميزنا ..

سيدي الوالد الشيخ أبوبكر بن عبدالله باذيب حفظه الله


كان والدنا حفظه الله تعالى كثير التعلق بكتب العلم. ولم تكن تفارقه نسخته من «صحيح البخاري»، تلك النسخة العتيقة، التي حفظت له ذكريات عزيزة. وهي نسخة عتيقة، من الطبعة السلطانية، مضبوطة ومحررة، اقتناها في مكة المكرمة عند قدومه لموسم حج سنة 1378هـ. وهي السنة التي ولد له فيها شقيقي أبو محمد، محفوظ أبوبكر، حفظه الله.




كان أبي في تلك السفرة، بصحبة والده، الجد الشيخ عبدالله بن سالم باذيب (ت 1382هـ)، بعد قدومهما من بومباي، حيث أجريت عملية الماء الأزرق لعيني الجد، ولكنه لم يستفد منها، وظل بصره مكفوفاً الى وفاته رحمه الله سنة 1382هـ، وفيها كان وجود أخي عبدالله، الذي سمي على اسم جده.

حج الوالد والجد مع السيد المطوف، شيخنا الحبيب محمد بن صالح المحضار (ت 1427هـ)،

السيد المطوف محمد بن صالح المحضار رحمه الله

وكان معهم في المخيم، شيخ مكة، السيد العلامة علوي بن عباس المالكي (ت 1392هـ)،

السيد العلامة علوي بن عباس المالكي رحمه الله

كما اتفق في تلك السنة حضور سيدنا ومرشدنا الحبيب العلامة، أحمد مشهور الحداد (ت 1216هـ)، رحم  الله الجميع.

السيد العلامة الحبيب أحمد مشهور الحداد رحمه الله

ومن أخبار الحبيب أحمد مشهور، مما حدثني به أبي، قال: كان السيد أحمد مشهور الحداد، يأتي بالسنن النبوية على الوجه الأتم، ويحرص على اتباع ما ورد، حتى أنه كان يحتفظ بقصعة صغيرة بقدر المد، يستخدمها للوضوء، لا يزيد في وضوئه على قدرها.

وفي تلك النسخة، كانت قراءاته المتكررة للصحيح على شيخه السيد عبدالله بن مصطفى بن سميط في زاوية المسجد الجامع بشبام .. وقبلها كان يقرأ في النسخ المتوفرة في الزاوية .. وربما من نسخة قديمة من الصحيح كانت في ملك الأجداد.

شيخ شبام السيد العلامة عبدالله بن مصطفى بن سميط رحمه الله

وفي زاوية المسجد الجامع، كان للوالد، ولصديقه وزميله في الدراسة والطلب، الشيخ محمد جبران بن عوض جبران، صحبة وتآخي، وعلى مائدة «صحيح البخاري» في شهر رجب، كانا يلتقيان صباح مساء، فيحضران في الزاوية وقت اجتماع الناس، وإذا تفرق الناس، عكفا على القراءة بمفردهما، ليقطعا شوطاً في الكتاب، حتى يكون الختم في موعده المضروب له سلفاً. وكان الختم يكون يوم 27 رجب.

المسجد الجامع بمدينة شبام حضرموت

وسبب القراءة الانفرادية، أن القراءة بحضور العامة كانت بطيئة، وكان السيد عبدالله يشرح بعض الأحاديث التي تمر بهم في المجلس، أو يجيب على أسئلة السائلين. وهذا يحدث في أكثر حلقات القراءة في كافة البلدان.

رسالة من السيد عبدالله بن مصطفى لتلميذه الشيخ الوالد
يظهر فيها الاحترام الكبير بين الشيخ والتلميذ

كما أن عادة ختم «صحيح البخاري» متبعة في كثير من بلدان اليمن وحضرموت، وغيرها من بلاد العالم الإسلامي. وفي زبيد والحديدة والتهائم لهم عناية كبرى.

وكان سيدنا الجد، الشيخ العلامة المسند الفقيه، محمد بن أبي بكر باذيب (ت 1324هـ) رحمه الله تعالى، قد أحضر سند «البخاري» من شيوخه في زبيد وتهامة اليمن، وأشهر قراءة «البخاري» في شبام عقب استقراره فيها بعد أن أقام في مدينة الحديدة سنين طوال، لازم كبار فيها شيوخ عصره، قرأ عليهم، وروى عنهم، وقد ذكرهم في إجازته الحافلة التي كتبها للسيد العلامة أبي بكر بن سالم الحبشي، ولابنه السيد عبدالله بن أبي بكر، رحمهما الله، بمناسبة هجرتهما من شبام إلى أرض جاوة، سنة 1320هـ تقريباً. وقد نشرتها وتوسعت في التعليق عليها ضمن كتابي «المحاسن المجتمعة في مآثر الإخوة الأربعة».



ربنا انفعنا ببركتهم ** واهدنا الحسنى بحرمتهم

وأمتنا في طريقتهم ** ومعافاة من الفتن

هناك تعليق واحد:

  1. ماشاء الله حفظكم الله شيخنا
    ورحم الله من ذكرت

    ردحذف