الأربعاء، 27 مارس 2019

المشايخ آل راضي بافضل في شبوة




المشايخ آل راضي بافضل في شبوة


بقلم/ محمد باذيب
عليكره، 30 يناير، 2013

جرت بيني وبين بعض الأصدقاء الكرام من أهل شبوة، وهو الأخ الكريم محسن بن أحمد الحامد الدغاري العَولقي، حفظه الله، مذاكرةٌ في تاريخها، وسكانها، وأنسابهم، وعاداتهم، فكان مما ذكره لي: أن كُتَّاب العدل في بلدهم يعرفون بآل راضي، وأنهم من المشايخ آل بافضل أهل تريم، وهم مشهورون بذلك اللقب، وطغى على لقبهم الأصلي.
فذكرت له مما ذكرت: أن المؤرخين الحضارمة، ذكروا في ترجمة أحد المشايخ الفقهاء من آل بافضل التريميين، أنه يكنَى «أبورَاضي»، وله مختصر في الفقه الشافعي يعرف بمختصر أبي راضي، كما سيأتي.
وقلت لصديقي: لعل ذرية ذلك الفقيه عرفت بآل راضي من هذا الباب، ثم انتقل بعض أفرادهم إلى شبوة في بعض الأحقاب الزمنية.
فطلب مني، وفقه الله، أن أحرر له ترجمة الشيخ صاحب المختصر المذكور، ليطَّلع هو، ويُطْلعَ من يعرفهم من آل راضي، عليها. والمتوقع أن بيتاً من بيوت العلم والفضل، والقضاء بين الناس، لن يخلو من وثائق ودفاتر يدون فيها أكابرهم أنسابهم ومشجراتهم، كما هو الحال في تريم، والعلم عندالله.
وقد لبيت طلبه، وهذه هي ترجمة الشيخ بافضل صاحب مختصر أبي راضي، نقلا عن كتابي «جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي»، من الجزء الثاني:



133ـ الفقيه محمد بن أحمد بن أبي بكر بافضل(*):

هو العلامة الفقيه الشيخ، أبوراضي، محمد بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الرحيم بن محمد الدُّوَيِّلة بافضل، التريمي ثم المكي. لم تؤرَّخ سنة مولده أو وفاته، ووصْفُه بالمكي: يحتمل أن مولده كان بمكة المشرفة، أو أنه انتقل إليها ومات بها. قال صاحب صلة الأهل: «ذكره الشيخ العلامة علي بن عمر بن قاضي باكثير (ت 1210هـ) في اختصار فتاوى بامخرمة وأثنى عليه، ولم أقف على تاريخ وفاته، وأظنه كان من أهل القرن الثاني عشر». انتهى.
قلت: ما ظنه صاحب «صلة الأهل» ظن بعيد، يعكِّر عليه ما جاء في «تشييد البنيان» لبارجاء  (ق 70/وجه ب) الذي فرغ منه سنة 1036هـ، فقد ورد ذكر المترجم فيه، كما ورد ذكره في المجموع الفقهي لآل السقاف (ص125) في جواب للعلامة السيد أحمد بن حسين بافقيه (ت بمكة سنة 1052هـ)، فهاتان قرينتان على كونه من أهل القرن الحادي عشر، لا الثاني عشر، والله أعلم.
* مصنفاته الفقهية:
[197]- كشف الحجاب ولب اللباب لذوي الألباب مختصر منهج الطلاب وفتح الوهاب: كذا على طرة نسخة مكتبة الأحقاف بتريم، قال صاحب صلة الأهل: «وهو مختصرُ شرح المنهج، ويرمز فيه بذكر الخلاف في المسائل بين الشيخين ابن حجر والرملي»، قال: «وهو عظيم المنفعة، يدل على ما منحه الله به من التبحر في العلم والسعة». انتهى. قلت: لم يقتصر على خلاف الرملي وابن حجر فقط، كما هو صريح عبارة «الصلة».
 أوله: «الحمد لله على إفضاله ...وبعد؛ لما فرغتُ من أول ما يجب على المكلف مع اعتقاد الحق والصواب إن شاء الله تعالى(1)، شرعتُ في جمع مختصر شرح المنهج ومتنه لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي تغمده الله برحمته وأعاد علينا وعلى المسلمين من بركته، مع تغيير بعض ألفاظه بأوضح منها، وحذفت منه بعض زوائد، وزدت فيه زوائد:
 أكثرها من «التحفة» للعلامة ابن حجر (ت 974هـ)، وبعض شيء من «المغني» للعلامة الخطيب الشربيني (ت 977هـ)، ومن «النهاية» للعلامة محمد الرملي (ت 1004هـ)، ومن «حاشية» العلامة المفيد ابن قاسم (992هـ) على «شرح المنهج»؛ وما نقله عن الشيوخ الأفاضل: محمد الرملي (ت 1004هـ)، وأبيه (ت 957هـ)، والطبلاوي(2)، والبرلُّسي عميرة (ت 957هـ)، ومن الكتب المعتمدة، منها: الأسنى، والعباب». انتهى المراد.
كما نصَّ أيضاً على النقل عن الزِّيادي، والمراد: «حاشيته على شرح المنهج»، وهو: العلامة المعمر الشيخ علي بن يحيى الزيادي المصري (ت 1024هـ)، تفقّه على الشيخ عميرة، والشهابِ الرملي وابنه، والشيخ ابن حجر.
زمنُ التأليف: لم ينُصَّ المؤلف على تحديد زمن تأليفه الكتاب، إنما يدلُّ عليه وجود نقل في كتاب تشييد البنيان في (ق 70/وجه ب)، ونص عبارته: «قاله الفقيه محمد بافضل المكي في كتابه مختصر شرح المنهج». انتهى. وكتاب «تشييد البنيان» ألف بين عامي (1036-1050هـ)، فهذا دليل على حياة الشيخ بافضل في تلك الفترة، ومن الشواهد على وجوده في هذا العصر، نقله عن الكتب والحواشي المتقدم ذكرها، وآخرها حاشية معاصرِه الزيادي.
نسخه:
النسخة الأولى: في مكتبة الأحقاف في جزأين:
الجزء الأول: برقم (1005)، يقع في (287 ورقة)، كتب سنة 1254هـ، وهو مقسم أرباعاً، ينتهي الربع الأول في (ق 117/ب)، ينتهي إلى آخر باب الجعالة.
والجزء الثاني: برقم (1004)، يقع في (161 ورقة)، كذا في فهرس المكتبة.
النسخة الثانية: كنتُ وقفتُ عليها قبلَ سنوات في مكتبة رباط النور ببلدة الحامي بالساحل وهي في مجلدين، ولما قدمت الحامي زائراً وباحثاً عن هذه النسخة في جمادى الآخرة 1428هـ لم أجدها، لكني علمتُ: أن مركز النور بتريم قد صورها.
النسخة الثالثة: بمكتبة الأوقاف بجامع صنعاء برقم (1321) كما في فهارس المكتبة (3/1148)، وورد ذكرها في الفهرس الشامل: (8/284)، وقد وهمَ صُنَّاع فهارس مؤسسة آل البيت فجعلوا وفاة المؤلف 903هـ ظناً منهم أنه بافضل العدني، فليحرر.
النسخة الرابعة: ذكرها الشيخ محمد بافضل في صلة الأهل (ص261)، وأنها كانت في مكتبة مفتي الشافعية بمكة السيد حسين بن محمد الحبشي، وهي مفقودة اليوم.
[198]- مختصر في الفقه يسمى مختصر أبي راضي: ذكره الشيخ بافضل في صلة الأهل (ص 260) قال: «ومنها: المختصرُ الذي يسمى «مختصر أبي راضي» المشهور بأيدي الطلبة، هو في نحو سبعة كراريس».
أوله بعد الديباجة: «أما بعد؛ فهذا مختصر على مذهب إمامنا الشافعي، رضي الله عنه وأرضاه، آمين، أذكر فيه ما يسّره الله لي من الواجب علينا على لسان سيد المرسلين، متصلاً إلينا على ألسن الأئمة المهتدين، رضي الله عنهم أجمعين، من الأمر والنهي الواجب، وأعرض عن غيره إلا يسيراً من المندوب، بلفظ مبين، مخافة التطويل أو عدم فهمه، أو اشتباهِ فرضٍ بنفل للمبتدين»، إلخ.
وهو كثير الاعتماد على «تحفة المحتاج» للشيخ ابن حجر، وكرر عبارة: «كما اعتمده في التحفة» في عدة مواضع، واعتمد بطلان صلاة الناطقين بالقاف اليابسة على ما رجحه وذهب إليه الشيخ ابن حجر، كما يورد أحياناً بعض الخلاف في مسائل، منها: نية الاغتراف، أوردَ قولَ ابنِ عجيل بعدم وجوبها وقال: «فليقلده من أراد»، ووضع مقدمة موجزة في العقائد (في 10 صفحات تقريباً).
نسخه:
بعد وقوفي على كلام الشيخ بافضل في صلته عن هذا المختصر وقوله عنه: إنه «مشهور بأيدي الطلبة»، بحثت عنه طويلاً فلم أظفر بنسخةٍ منه في تريم، ثم أكرمَ الله بالعثور على نسخة في مكتبة خاصة ببلدنا شبام، نسخت سنة 1278هـ تقع في (65 ورقة)، ولم يسم ناسخها، وعلى طرة الكتاب:
«هذا مختصر في الفقه على مذهب الإمام الشافعي،
تأليف الإمام العلامة جمال الدين أبي راضي
الشيخ محمد بن أبي بكر بافضل الحضرمي ثم المكي،
رضي الله عنه ونفعنا به وبعلومه، آمين».
[199]- شرح مختصر كتاب الأنوار: و«المختصَر» للشيخ محمد بافضل العدني (ت 903هـ): ذكر هذا الكتاب الشيخ محمد بن عوض بافضل (ص260)، وتابعه الأستاذ الحبشي في مصادره (ص257)، وورد له ذكرٌ عند بارجاء في تشييد البنيان.

الهوامش:

(1) مصادر ترجمته: محمد عوض بافضل، صلة الأهل (ص 260)، الحبشي، مصادر الفكر: ص257.
[تنبيه]: جاء في غلاف «مختصره الفقهي» (مخطوط، نسخة شبام) تسميته بمحمد بن أبي بكر، وما أثبته فمن «صلة الأهل»، وكذلك وجدته على طُرّة كتابه «لب اللباب»: (مخطوط، نسخة الأحقاف).
(2) كلام الشيخ المترجم هنا صريح في أن له كتاباً في العقائد جعله كالمقدمة لهذا الكتاب، وهو ما صرح به أيضاً الشيخ محمد عوض بافضل في صلة الأهل (ص261) حيث نقل عن شيخه العلامة حسين بن محمد الحبشي مفتي الشافعية بمكة (ت 1330هـ) قطعة مفيدة من هذه العقيدة، وسماها «عقيدة لب اللباب»، ويبدو أن النسّاخ أفردوها عن الكتاب، وكان حقها أن توضع في مقدمته، ولكنها لم ترد في أي نسخة من نسخه، حتى أن صاحب الصلة قال: «لم أقف على سوى هذا الفصل من المقدمة المشار إليها». انتهى.
(3) قلت: عبارة المؤلف فيما يخص نقلَه عن «حاشية ابن قاسم» قلقة، فإنه يفهم منها: (أنه نقل عن حاشية ابن قاسم التي نقل فيها عن شيوخه الذين منهم الشمس الرملي وأبيه الشهاب والطبلاوي والبرلسي عميرة)؛ وهذا كلام غير دقيق، فقد أصاب في ذكر الشهاب الرملي والشيخ عميرة وهما من شيوخ ابن قاسم، ولكنه لم يصرح في الحاشية إلا بذكر شيخه الرملي ولده الشمس، أما عميرة فلم يتعرض لذكره فيها.
وكان حقه: أن يقدم عميرة على ابن قاسم، لأقدمية الشيخ عميرة في الوفاة فهو في درجة شيوخ ابن قاسم. و(عميرة): لقبٌ للشيخ: أحمد البرلسي (ت 957هـ)، أخذ عن عبد الحق السنباطي والبرهان ابن أبي شريف، وهو من شيوخ الشربيني صاحب المغني وابن قاسم العبادي، ومن طبقة ابن حجر المكي والشهاب الرملي، له «حاشية على كنز الراغبين» للجلال المحلي. و(ابن قاسم العبادي): واسمه أحمد بن قاسم، غلبَت عليه كنيته (توفي 994هـ أو: 992هـ) أخذ بمصرَ عن الشهاب الرملي والشيخ عميرة وبمكة عن الشيخ ابن حجر، له: «حاشية على تحفة المحتاج»، جردها واستخرجها تلميذه الشيخ منصور الطبلاوي.
وهناك طبلاويان، الأول: ناصر الدين محمد بن سالم الطبلاوي (ت 966هـ)، من تلامذة شيخ الإسلام زكريا، ومن أقران الشهاب أحمد الرملي، له شرحان على البهجة الوردية. والثاني: منصور الطبلاوي (ت 1014هـ)، سبطُ الذي قبله، تلميذ ابن قاسم العبادي، وهو الذي جرد «حاشيته على التحفة».
وبناءً على هذا: فذكرُ الطبلاوي لا داعي له في مقدمة المؤلف، فإن كانَ أراد الكبير: فهو غير مشهور وكتبه غير منتشرة، ولم يصحَّ أنه من شيوخ ابن قاسم، وإن كان أراد السبطَ: فهو تلميذُ ابنِ قاسم لا شيخُه، فعطف الطبلاوي في ـ كلام الشيخ بافضل ـ على شيوخ ابن قاسم غيرُ مستقيم في كلا الحالين. وإن قيل: إنه عطف على الحاشية، أي: أن من مصادر بافضل حاشية الطبلاوي وحاشية عميرة، فهذا محتمل، ولكنه لم ينقل في كتابه عن أي منهما، فبطلَ هذا الاحتمال، ولعل النسخة التي رجعتُ إليها بها سقطٌ أو سقم، فليحرر.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق