الأربعاء، 27 مارس 2019

نحن الأشاعرة - قصيدة


نحن الأشاعرة - قصيدة



كنت في حوارٍ منذ البارحة مع بعض الشباب المتحمس، وكان قد سبق لي حوار معه على قبل أيام، حول مسألة الجهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأقمتُ عليه الحجة في جواز الجهر بها، نقلا عن أئمةٍ عدول، ونقلتُ له تحقيق العلامة الشربيني في (الإقناع) في المسألة بعينها.
فأراد أن يحاججني بأن الذكر وقت الخطبة من اللّغْو، ونقل نصًّا عن (شرح مسلم) أراده حجةً له. فتتبعته! فوجدته قد بتَر كلام النووي، المنقول عن سيدنا الشافعي: بأن بطلان الخطبة بالكلام إنما هو مذهبُه القديم، تفريعاً على قوله بوجوب الإنصات، وأما على المذهب الجديد فالإنصاتُ مسنونٌ، لا محرم. فبتَـر هذا القول .. فعلمت أنه يتفنن في صوغ النصوص كما يريد هو، لا كما عليه الأمر في حقيقته.
وبالأمسِ، كان حوارنا في مسألة العلو، من مسائل الاعتقاد، وهو يريد أن يقنعنا بالعلوِّ الحسي الذي يقتضي التجسيم، وأتى بكلام لشيخ المفسرين الطبري، بتره أيضاً، فأحضر بعضُ المشاركين في الحوار  النصوص التي بترها ذلك المتحمس .. فحار.

فكتبتُ أقول له:
ومِنَ العجائبِ، والعجائبُ جمةٌ ** بتْـرُ الخلاقِيْ للنصُوصِ بشَطْبِها

حَاورتُه فأتى نصوصَ أئمة ** في الدين، ظُلماً، قصَّها من جنبِها

وأتى ليصرُخَ: يا ابن بخْضَر! ويلَكُم ** بتْـرُ النصوص محرّمٌ أجْرِمْ بها

قُلْ للخِلاقي: كفَّ! وارحَمْنا من الجدَلِ العَقيمِ دَع النصُوصَ لصَحْبها

فالله ربُّ الخلقِ لا تَرْقى إليـ  **   ـــه عقُولُهم أنَّى تحيط بربها!!

آمنتُ بالله العظيمِ مُوحِّداً ** قُلْها مع الإخلاصِ وامْضِ بدَرْبها

فانبرَى لأبياتي وأتى بكلام سيء، مليء بالسباب، وفحش القول، ونسبه لمن لقبه بالقحطاني، وهذه أبياته:
يا أشعريةُ هل شَعرتُمْ أنني ... رمدُ العيون وحكة الأجفان!!
أنا في كبُودِ الأشعرية قرحةٌ ... أربو فأقتلُ كل من يشناني
ولقَد برزتُ إلى كبار شيوخكمْ ... فصرفتُ منهم كل من ناواني
وقلبتُ أرضَ حِجاجهم ونثرتُها ... فوجدتها قولا بلا برهانِ!!
إلى آخرها ..

بالله عليكم .. هل هذا كلام علمي، أم سبابٌ يتنزه الورع الحريص على دينه عن قوله، ثم انظروا إلى تكريس ثقافة قتل المخالف في قوله: (أربو فأقتلُ كل من يشناني)، هذه سمة الخوارج والله، أيقتل المسلم بدمٍ باردٍ لأجل شبهات يروجها خلف الخوارج؟!
وإني والله لا أعرف من هذا القحطاني .. ولكني أحفظ حديثاً أخرجه الشيخان مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قطحان يسوق الناس بعصاه). وإن هذه الأبيات الجريئة المليئة بالوقاحة، لا يقل أثرها عن الضرب بالعصا الوارد في الحديث .. والله المستعان.
وجواباً على تلك الأبيات الحانقة، نظمت الأبيات التالية:

نحن الأشاعرة ..

ظُلَمٌ من الحقدِ المريعِ تكتَّلتْ ** فأتت بنظمٍ خائر الأركانِ

سَبٌّ وهتكٌ للمحارم ويلَهم ** ظلَموا شريعةَ أحمد العدناني

آلله يأمركم ببهْتِ أئمةٍ ** شَادُوا منار شريعة الرحمنِ!؟

الأشعريُّ إمامُنا علَمُ الهدى ** فخْرُ الأماثل عالم رباني

أتباعُه في المشرقين تطاولتْ ** أعلامُهم وعلتْ على ثهلان

لا ينكِرُ الفضْلَ العظيمَ لهم سوى ** سُودُ القلوبِ وجامدو الوجدانِ

دانَتْ لنا الدنيا ودانَ شعوبها ** ولنا مفاخرُ لا ترامُ لثانِ

بجهودِنا كم فتنةٍ ولّتْ ولم ** تصْمُدْ أمامَ هوادر الطوفانِ

فسَلِ البقاعَ تجبْكَ شمُّ جبالِها ** وسُهولُها والموجُ في الشطآنِ

عُمرتْ بنا أصقاعُ معموراتها ** وبنا استطالَ الدينُ في اليابانِ

في شَرْقها أو غَربها كنَّا ولم ** نبرحْ ودونك مهبطَ الركبانِ

كنا بأندلسٍ، ونحنُ عمامة ** في رأسِ كل أميرٍ او سلطانِ

وسَل المكاتبَ والمنابرَ جهرةً ** واسمَعْ مفاخر دولة العثماني

نحنُ الكواكبُ بل شموسٌ نورُها ** عمَّ البسيطةَ .. ما ترى العينانِ

فاشرَقْ بنا يا مَنْ حسدْتَ فخارنا ** وارفُقْ بقلبك من لظَى النيرانِ

محمد أبوبكر باذيب
ولاية أوترابراديش UP، عليكره، الهند
الأربعاء غرة جمادى الأولى 1434هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق