كلام
رائع للإمام الحداد عن فساد الزمان وتولية المتأهلين
أهديكم
جوهرة نفيسة من كلام إمامنا العظيم، السيد المجدد، الحبيب عبدالله بن علوي الحداد
(ت 1132هـ)، رحمه الله ونفعنا به. وردت
ضمن رسالة منه الى تلميذه الفقيه العلامة عبدالله بن محمد بن عثمان العمودي، القيدوني.
قال
الإمام رحمه الله، بعد أن عزى تلميذه في بعض الفقهاء بقيدون:
(...
وهو كما ذكرتم كان قائماً بوظيفة التدريس والحكم ببلدة قيدون المباركة، وأنه وقع لكم
كما وقع لغيركم: أنه لا يصلح لذلك من بعض الوجوه، أو أكثرها، إلا الفقيهُ العفيف عبدالله
بن عثمان، فذلك كذلك.
ولكن
[هو] ممن نشير به، ولا نشير عليه. وهي عادة الأخيار مع الأخيار، في أمثال هذه المراتب
المخْطِرة، التي هي كالصفاء الزلال، لا تثبت عليه إلا أقدام الكمّل من الرجال.
وأهل
الزمان، كما ترونَ، أهل فتنة وشقاقٍ، وضياع للحقوق، وتعدٍّ للحدود، فإذا وليهم من لا
يشبهُهم ويناسبهم، وقع البلاء، وتحرّجتْ الأمورُ عليه وعليهم.
والرجل
الصالح كالجوهرة الثمينة، وأهل الزمان كحاملي الأحجار والأقذار، قصداً منهم، لكسرها
أو تلويثها، فانظر بعد ذلك الذي يشيرُ بما يكون في الحالِ بهذه المثابة.
فالله
يوفق من يحبّ، ويثبتنا وإياكم على الجادّة المشرقة، المضيئة بأنوار شمسِ الكتاب والسنة
النبوية، الناطق صاحبها بالهدى والصواب». انتهت.
تأملوا
هذا الكلام الحكيم حق التأمل ..
فالإمام
الحداد، رحمه الله، يرى: أن ولاية الأعمال الشرعية لا يصلح لها كل أحد، أو أي أحد،
فبعض الناس يكونون بلغوا حدا من التقوى والصلاح والفضل والعبادة مبلغاً كبيراً .. ولكن:
قد لا يكون صلاح الأمور وتسيير الأحكام على يدهم كما ينبغي.
وليس
مقصوده أن يولاها من قل دينه، كلا. ولكن: يبحث عن الرجل الأهل الكفؤ، وليس بالضرورة
أن يكون أعبد أهل الزمان وأزهدهم، بل يكون قد توفرت فيه أهم الشروط المطلوبة، ثم يترك
يتصرف في حدود صلاحياته .. ولكن .. إذا تعينت على الأعبد والأتقى، فلا شك أن عليه أن
يتحملها ..
الشاهد
في الكلام: أن استعمال العقل وحسن النظر في الأمور، مطلوب. وقد يكون من المصلحة تولية
المفضول، وإمامة الأقل علماً ومكانة .. والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق