الثلاثاء، 4 مارس 2014

مسألة فقهية في القنوت في صلاة العصر الذي يؤتى به في بلدنا شبام حضرموت وبعض بلدان الجهة الحضرمية



مسألة فقهية في القنوت في صلاة العصر
الذي يؤتى به في بلدنا شبام حضرموت وبعض بلدان الجهة الحضرمية

وردني السؤال التالي من أحد الإخوة الفضلاء من بلدنا شبام، يقول فيه:
(.. حول القنوت في العصرعندنا في مسجد الخوقة. هل لهذا القنوت أصل؟ جزاكم الله خيراً). ثم قال مرسل الرسالة: إنه سأل بعض العلماء عن هذه المسألة، فأجابه: أن هذا القنوت ليس له وجهٌ، إلا اذا كان في نازلة معلومة، أما الاستمرار عليه دائما فليس مشروعا. وأضاف: لا يفعل الاعندكم في شبام والله اعلم.

الجواب:
الحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
كلام الشيخ المجيب، الذي نقلت لي جوابه، كلام وجيه، وما قاله من أن الأفضل كونه في النوازل. هو الذي عليه العمل، وهو المعتمد في المذهب.

وأما كونه لا يعمل به في بلد سوى بلدنا شبام، فلا أستطيع الجزم بذلك، والأمر يحتاج الى استقراء وتتبع، والشيخ أعلم وأدرى مني بذلك.

وإن كان لي من إضافة في المسألة،
فأقول: إن الذي أعلمه، ووعيته من بعض الشيوخ: أن المتقدمين من فقهاء شبام، سقى الله عهودهم ونور ضرائحهم، ومع شدة السنين والقحط، رأوا أن طلب السقيا أمر ملح، لأن به قوام المعاش. واستنبطوا من عطف القنوت على الصلاة الوسطى في الآية الكريمة: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين). والذي اعتمده إمامنا الشافعي رحمه الله وجمهور أصحابه: أن الوسطى هي صلاة الصبح، للأمر بالقنوت فيها، ولا قنوت إلا في الصبح، كما هو مقرر في كتب المهذب.

إلا أن هنا قولاً قويا معتبراً بأنها صلاة العصر، قال الماوردي في (الحاوي الكبير) (2/ 11): (وهو قول علي ، وابن مسعود ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي أيوب ، وعائشة ، وأم سلمة ، وحفصة ، وأم حبيبة ، وجمهور التابعين)، وقال ابن كثير في (تفسيره): (وهو قول أكثر علماء الصحابة وجمهور التابعين).

وبما أن المعتمد في المذهب، جواز القنوت للنازلة، ومن النوازل التي يقنت لها: القحط. قال الشيخ ابن حجر في (التحفة): (.. إذا تقرر هذا فالذي يتجه أنه يأتي بقنوت الصبح ثم يختم بسؤال رفع تلك النازلة له فإن كانت جدبا دعا ببعض ما ورد في أدعية الاستسقاء): (2/ 68). فصريح عبارته أنه يجوز في النازلة أن يقنت بقنوت الصبح، ثم يتبعه بدعاء رفع النازلة بما يناسبها

بناء على ما سبق، وبما أن الحاجة للقنوت لطلب السقيا قائمة .. وبما أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وبما أن القنوت مطلوب في الصلاة الوسطى، فقد أخذ بعض الفقهاء من هنا: استحباب قنوت النازلة لطلب السقيا في صلاة العصر، جمعاً بين الأمر والحاجة (النازلة).
هذا ما أجابني به بعض أهل العلم لما سألته عن سبب هذا القنوت، ولا يحضرني نص في المسألة.

هذا؛
وقنوت العصر بحسب ما أدركت عليه أئمة وخطباء المسجد الجامع في شبام، يقنتنون بقولهم:
اللهم اسقنا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من الآيسين.
اللهم اسقنا الغيث والرحمة ولا تأخذنا بالسنين.
اللهم اسقنا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانطين.
ثم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقتصرون على هذه الكلمات الثلاث .. وهي، كما ترى، صريحة وواضحة في كونه قنوت استسقاء.

وما نبه عليه المجيب أولاً، من أن لا يتخذ هذا عادة، هو في محله، وكذلك الحال عند أهل شبام، لا يتخذونه عادة، بل يقنتون في أوقات دون أوقات، هذا ما فتح الله به، وهو سبحانه أعلم، ورد العلم إليه أسلم.

كتبه/ محمد أبوبكر باذيب
ليلة الاثنين 2 جمادى الأولى 1435هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق