نبذة عن السيد الجليل عمر بوعلامة ابن الشيخ أبي بكر بن سالم
(ت بشبام سنة 1279هـ)
هو سيد جليل شريف النسب، باعلوي، حسيني هاشمي .. اشتهر في بلدنا شبام بكنيته (بوعلامة)، وضريحه المنور في مقبرة البلد المعروفة، جرب هيصم، وله حضرة تقام عند قبره عشية كل أربعاء، وعليها وقف لقهوة الحاضرين، كما سمعنا من أهل بلادنا. ولأن الأجيال الحالية من أبناء شبام وغيرها، أصبحت تجهل الكثير من تراجم أعلام الوطن الغالي، فالبعض يظن أن الشيخ عمر بوعلامة مجرد أسطورة!. فعزمت على كتابة سطور توضح بعض سيرته. بحسب المتيسر عندي من المصادر، ومما أحفظه من مطالعاتي.
اسمه ونسبه الشريف:
هو السيد الجليل، الولي العارف بالله، الحبيب عمر بن علي (ت بتريم 1240هـ) بن شيخ بن أحمد (ت 1177هـ) بن علي (ت بعينات 1142هـ) بن أحمد (ت بعينات 1110هـ) بن علي (ت بعينات 1096هـ) بن سالم المهاجر (ت بالغيظة 1087هـ) بن أحمد (ت 1061هـ) بن الإمام الحسين (ت 1044هـ) ابن الإمام الشيخ الكبير أبي بكر (ت 992هـ) بن سالم بن عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن الشيخ الأجل عبدالرحمن السقاف، باعلوي الحسيني، الهاشمي القرشي(1).
قال عنه مؤرخو «الشجرة العلوية»: «صاحب مسجد الروضة بالمكلا، كان فاضلا شريفاً صوفياً، له كرامات كثيرة، توفي بشبام سنة 1289». وليس له عقب.
مولده ونشأته:
ولد في أرض جاوة، في مدينة شربون، التي كان والده قدمها في بعض أسفاره، وولد له ابنه المترجم فيها. ولما شب وكبر، طلب العلم على شيوخ بلده، ثم أخذه والده إلى موطن أجداده (عينات). ثم عاد إلى جاوة عند والدته، وبعد أن شب عوده، اتخذ أسباب المعاش، وكان كثير الأسفار في البحار، يتردد على الشواطئ العربية والهندية في السفن حاملا تجارته من هنا إلى هناك.
بناؤه مسجد الروضة بالمكلا:
صورة قديمة للمسجد من ناحية البحر |
وفي بعض السنوات، أقام مدة في المكلا، فرأى حاجة الناس الى مسجد جامع، بعد تكاثر السكان، وأصبح جامع البلاد بعيدا منهم، فاستأذن سلطان المكلا النقيب الكسادي، حينها، فأذن له وأقطعه أرضا على الساحل صغيرة، فلم يكتف بها، وطلب أرضا أكبر.
فلم يأذن له النقيب، لضيق مساحة الشارع الرئيسي على المارة، ولكن قال له: أمامك البحر، خذ منه ما تشاء. فما كان من السيد وهو صاحب همة عالية، إلا أن أخذ كلمة النقيب بقوة، فكلم الناس بما قاله النقيب، وأخبرهم أنه عزم على ردم مساحة من الشاطئ لضمها إلى مساحة المسجد.
فتجمهر الناس، وعملوا معه أياماً طوال، وقاموا بجلب الأطيان والحجارة، حتى ردموا مساحة لا بأس بها، ثم بعد ذلك شرع في البناء، وحفر أساس المسجد. وقد استغرق هذا العمل منه سنين، وكان يستعين أيضاً بالبحارة الهنود الذين ترسو سفنهم على سِيْف البحر، كما قرأته في مناقبه (مخطوطة).
ما ورد في «الشامل» في وصف المسجد:
قال العلامة المؤرخ علوي بن طاهر الحداد (ت 1382هـ) في موسوعته التاريخية عن حضرموت «الشامل»، أثناء حديثه عن المكلا ومساجدها:
«وفي جنوبيها على حافة البحر: مسجد الروضَة، ينسب إلى السيد الشريف، عمر أبوعلامة، قام في بنائه، وساعده أهل البندر بالعمل بأيديهم وبأموالهم، وساعده من يرِدُ من أهل السفن التي تحمل البضائع من نواحي عُمان، وقد وُضعَ هذا الموضع بعدما كُبِس جانبٌ من البحر بالطين والحجارة، وهو مسجد جليل منفسحٌ، لا يزال معمورا بالجماعاتِ، وبه يعظُ ويدرّس من ورد إلى البندر من أهل العلم»(2).
وتم بناء المسجد سنة 1274هـ، وجددت عماراته عدة مرات، كان آخرها سنة 1396هـ، وهي العمارة الحالية. وتوالى على إمامته فالخطابة فيه أئمة وخطباء متعددون. حبذا لو يقوم أحد من شباب المكلا وباحثيها بتوثيق أسمائهم.
* * *
سبب تلقيبه بأبي علامة:
وكانت له كرامات وخوارق عادات مشهودة، رآها وشاهدها الكثيرون، ورويت ودونت في الكتب، روى بعضها ابن أخيه، السيد الجليل، الحبيب علي بن سالم بن علي، المعروف بالأدعج (ت 1296هـ)، وبعضها دونه مريده ومحبه الصادق الشيخ محمد بن بكار معاشر الشبامي في مناقبه التي جمعها له. ولكثرة كراماته، لقبه أهل عصره بأبي علامة، وسارت على الألسنة فأصبحت كأنها اسم علم له، فلا يعرف إلا بعمر بوعلامة.
محبته لأهل شبام:
وقد التف أهل شبام حول الحبيب عمر بوعلامة، من المشايخ آل بايوسف، وآل بلفقيه، وآل شماخ، وآل معاشر، وغيرهم، وكان الحبيب العلامة فخر شبام وشيخها آنذاك، عمر بن محمد بن عمر بن سميط (ت 1285هـ) قد سمع عن الحبيب عمر بوعلامة الكثير، فأحب أن يلتقي به في شبام ويستضيفه في مقام أهله الكرام، فراسله، فكان الحبيب أبوعلامة يعتذر بانشغاله بأمر المسجد وبنائه، ولكنه جبراً لخاطر الحبيب عمر بن سميط قدم إلى شبام، فاحتفى به أهلها احتفاء كثيراً، ونزل ضيفا مكرما على المشايخ آل معاشر، الذين فرغوا له طبقة كاملة من منزلهم الكبير في شبام، وهو بجوار منزل السادة آل عمر بن زين، إلى الشرق. في نفس الجهة والناحية، لا يفصل بينهم الا بيت واحد.
فأقام الشيخ بوعلامة مدة في شبام، ثم سار إلى عينات، ومنها عاد إلى المكلا. ثم إلى الهند، وعاد بعدها إلى حضرموت في أخريات عمره، وجاء إلى شبام في السنة التي توفي فيها، وأقام بها مدة، ثم نزل به الحمام، وتوفي بشبام سنة 1279هـ، كما هو مثبت في (الشجرة العلوية) وعلى شاهد قبره.
حضرته عشية كل أربعاء:
كان من صفاته ومناقبه: أنه كثير اللهَجِ بالأذكار والتهليل، والصلوات والمدائح النبوية، ويجتمع الناس عنده للذكر، وكانت الغرفة التي يجلس فيها مقصدا للزوار من أهل البلاد وخارجها، وكان من محبة المشايخ آل معاشر لشيخهم أن أوقفوا تلك الغرفة (المحضرة) عليه، في حياته وعقب وفاته، تقام فيها حضرته الذكرية عشية كل أربعاء. ثم نقلت تراتيب الحضرة إلى جوار ضريحه في جرب هيصم، ولعل السبب في نقلها كثرة الحاضرين الذين ضاقت بهم جنَبات غرفة الوقف، أو لأمر آخر.
هذا ما تيسر جمعه في هذه العجالة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه أجمعين، والحمدلله رب العالمين
الهوامش:
(1) شجرة أنساب السادة بني علوي، مخطوط.
(2) الحداد، علوي بن طاهر، الشامل: ص 86.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق