مسألة كلامية
هل سمع السبعون رجلا كلام الله كفاحا مثل نبي الله موسى عليه السلام؟؟
بقلم/ محمد باذيب
12 فبراير، 2013
هذا استشكال قدمه أحد الاخوة الكرام من العاصمة الروسية موسكو، فقد استشكل أن يكون السبعين رجلا سمعوا كلام الله مع نبيهم موسى عليه السلام لما سار لميقات ربه.
فقد أرسل لي أولا هذا النص من (تفسير الجلالين)، وهو: ({ وَإِذْ قُلْتُمْ } وقد خرجتم مع موسى لتعتذروا إلى الله من عبادة العجل وسمعتم كلامه { يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً } عيانا { فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ } الصيحة فمُتُّم { وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ } ما حلّ بكم).
ثم قال لي: في تفسير القرطبي موجود قصة أن موسى أخذ معه سبعين رجلا من بني إسرائيل، و هم سمعوا كلام الله معه. هل يجوز لغير نبي أن يسمع كلام الله؟
فكان جوابي له: قال تعالى: (فلما كلمه ربه).. ولم يقل (كلمهم).
قال: صحيح. لكن هذا القصة موجودة في الرازي و ابن كثير و حاشية الصاوي.
ثم نقل نصا من (تفسير القرطبي): (قوله تعالى: { وَإِذْ قُلْتُمْ } معطوف. { يَامُوسَىٰ } نداء مفرد. { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ } أي نصدّقك. { حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً } قيل: هم السبعون الذين ٱختارهم موسى؛ وذلك أنهم لما أسمعهم كلام الله تعالى قالوا له بعد ذلك: { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ }).
قلت له: قول الجلالين: (فسمعتم كلامه) .. أي: الوحي الذي أنزله على نبيكم موسى. فهو سماع حقيقي لهم على لسان نبيهم، ومجازي بالنسبة لكلام الله القديم. فهم لم يسمعوه مباشرة مثل نبي الله موسى، لأن هذا خصوصية لنبي الله موسى عليه السلام
وهذا من قطعيات العقدية عند أهل السنة والجماعة.
ومما يوضح المعنى جليا، قوله تعالى في سورة التوبة: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله). أي: القرآن الكريم.
وقول القرطبي: (لما أسمعهم كلام الله تعالى) .. أي: أسمعهم نبي الله موسى كلام الله.فموسى عليه السلام هو الواسطة بينهم
فقال: كأن هذا يدل على اللفظ المنزل لا على الكلام القديم!!.
قلت له: صحيح. فالكلام القديم لا يمكن الاحاطة به، لأنه صفة قديمة، والكتب المنزلة إنما هي على صورة القديم، فاللفظ والورق والمداد كله حادث.
فقال: وهل سمع موسى عليه السلام الكلام القديم؟
قلت له: فكان جوابي أني لا أحفظ نصا الان، ولكن المقرر أنه عليه السلام لم تحصل له الرؤيا بدليل قوله تعالى: (قال لن تراني). واثبات سماعه الحرف القديم يحتاج الى نص.
وانتهى الحوار هنا ..
ثم بحثت عن المسأله، فوجدت النصوص كاشفة وموضحة حقيقة السماع، فأحببت إيرادها للفائدة العامة. وهي عن منتدى الأصلين، من مشاركة للأستاذ المتكلم سعيد فودة. قال وفقه الله: (قال العلامة الأستاذ ابن كمال باشا في «رسالة الخلاف»:
(المسألة الثانية: قال الماتريدي: كلام الله تعالى ليس بمسموع وإنما المسموع الدّالُّ عليه.
وقال الأشعري: مسموعٌ كما هو المشهور من حكاية موسى.
قال ابن فورك: المسموع عند قراءة القارئ شيئان: صوت القارئ وكلام الله تعالى.
وقال القاضي الباقلاني: كلام الله غير مسموع على العادة الجارية، ولكن يجوز أن يُسْمِع الله تعالى مَنْ شاء مِنْ خلقه على خلاف قياس العادة من غير واسطة الحروف والصوت.
وقال أبو إسحاق الإسفراييني ومَنْ تبعه: إنَّ كلام الله تعالى غير مسموع أصلاً، وهو اختيار الشيخ أبي منصور الماتريدي، كذا في البداية). انتهى كلامه رحمه الله.
وهذا كاف في المسألة، ومن أراد الزيادة فعليه بمظانها، والله سبحانه أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق