الثلاثاء، 26 مارس 2019

من صور التواصل الاجتماعي بين كبار الدعاة من السادة العلويين وأفراد المجتمع الحضرمي





هذا نموذج مبارك، من نماذج المكاتبات البهية، التي توضح الصلات الاجتماعية، بين كبار السادة العلوية، وأعيان الأسر الشبامية الحضرمية. وقد كانت تلك المكاتبات تمثل ركيزة مهمة من ركائز الدعوة، والتواصل العلمي والديني بين أفراد المجتمع الواحد.
وقد أصيب الناس بالشتات في الأزمنة المتأخرة، بسبب قلة التواصل فيما بينهم، وهذا هو الخطب المهم، والأمر المدلهم، الذي بسببه تقطعت أواصر الصلات، وتفرت الناس عن بعضها البعض، فكثرت بسبب انعدامه بين الناس الظنون، وزاد القال والقيل.
وهذه المكاتبة بين الحبيب الإمام الحسن بن صالح البحر، وبين الشيخ سالم بن عمر باذيب، أخي الشيخ الأديب أحمد بن عمر باذيب، وهناك العديد من المكاتبات بين الحبيب البحر وأهل هذا البيت، لعلنا نورد منها ما تيسر في الأيام القادمة. وهي توضح عناية ذلك الإمام الداعية بمحبيه وأصحابه، وتفقده لأحوالهم وشئونهم المعيشية والقلبية.
فما أحوجنا إلىٰ هذه المتابعة الحثيثة، فقد قلت رعاية الشيوخ لطلابهم، بل رعاية الأب لأبنائه .. في هذا الزمان المنكود أهله بنكد الضياع والشتات، وضياع الأعمار والأوقات.


 [إلىٰ الشيخ سالم بن عمر باذيب]
بسم الله الرحمن الرحيم
«الحمدلله الذي قضى بالفناء على جميع خلقه، إذ الكل تحت حكمه وتقديره وفي رقه، ليستبدّ بالبقاء ويبلو بالموتِ عباده إذ عمل بطاعته وتقواه من حماه من نهيه وزجْره، فحاسبَ نفسه في قليل أمره ودقه، وأولئك هم السعداء المفلحون، الذين أنابوا إلى ربهم وتحققوا صدق وعده، والتمسوا الهدى من عنده، فأطلع لهم من عنايته ورعايته مطالعَ سعده، فتأهبوا للقدوم عليه، وجعلوه همهم فيما يبقى لهم من الذخائر عنده. والصلاة والسلام على رسوله وعبده، وعلى آله وصحبه وتابعيهم إلى يوم الميقات.
من حسن بن صالح بن عيدروس البحر الجفري. إلى المحب الملحوظ، إن شاء الله، بعين عناية البر الرحيم، سالم بن عمر باذيب، أسهم الله له من كل خير عاجل وآجل أوفى نصيب، وجعله من حزبه من كل أواه منيب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موجب الكتابِ، بعد مسنون الدعاء والتحية، السؤال عن أحوالكم السنية، وإعلاماً بأنا نحمد الله ونشكره على ألطافه الخفية، ونعمه الطيبة الهنية، وقد وصل كتابكم، ولا تزالوا حفظكم الله في ملازمةِ الخير، من طاعة مولاكم وتقواه، وتقديم ما يدَّخر عنده في النعيم المخلد، والسرور المؤبد، صحبة من أحبه المولى وأسعد، من المفلحين الفائزينَ، في زمرة النبيين والصديقين.
فهذا الذي ينافس كل ذي قلبٍ سليم، وعقل مستقيم، بتوفيق ذي الكرم والفضل العظيم، لا من اغتر بدار الزوالِ، ومحلّ المحن والارتحال، فذلك منكوسٌ على نور البصيرة خالٍ، لافتتانه بالخيال، وقنوعه بالمحال، وغفلته عن حق الكبير المتعال، ونسيانه ما أمامه من النعيم والأنكال.


فالله يوفقنا لما يحبّه منّا من النيات وصلاح الأعمال، من الأحوال والأقوال والأفعال، إنه الجواد الكريم والإحسان والإفضال. ونحن إن شاء الله لكم داعون، والسلام».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق