الأربعاء، 27 مارس 2019

ترجمة وجيزة للحبيب الشهيد، السيد الشريف أحمد بن صالح بن عبدالله الحداد (1329 – 1392هـ)


ترجمة وجيزة للحبيب الشهيد، السيد الشريف
أحمد بن صالح بن عبدالله الحداد
(1329  1392هـ)

نشرت قبل سويعة خبر انتقال الحبيب طه بن أحمد الحداد، رحمه الله.
وعنَّ لي أن أنوه بترجمة أبيه، الشهيد السعيد، الحبيب أحمد بن صالح الحداد. مع التعريج على خبر استشهاده، وقتلة على أيدي من لا يخاف الله ولا يرجو اليوم الآخر، من الطغمة الشيوعية الملحدة، عاملهم الله في الدارين بعدله.



ولد الحبيب أحمد بن صالح الحداد، في مدينة نصاب، قصبة بلاد العوالق العليا، من أرض شبوة. في شهر ذي القعده الحرام عام 1329هـ، بعد هجرة أبيه الحبيب صالح من بلد قيدون الشهيرة، في وادي دوعن.
وكان أبوه الحبيب صالح المذكور، من كبار العارفين، والأئمة الهداة المتقين، وكان من بقية من تربى وتتلمذ على شيخ مكة وبركتها، وعمدتها ونورها، السيد أحمد زيني دحلان. وكانت وفاة الحبيب صالح في نصاب سنة 1352هـ.

نشأته وطلبه العلم:
وفي نصاب، نشأ وترعرع الحبيب الشهيد أحمد، في حجر أبيه العالم المنور، والوجيه المكرم، فقرأ عليه المبادئ والنهايات، وترقى على يديه الى أعلى المقامات. ولما كان والده الحبيب صالح كثير التنقلات، والسير في أرض حضرموت داعيا وهاديا ومرشدا، فقد أوكل مهمة إكمال تعليم أبنائه، للعالم الصالح، الشيخ الفقيه المنور، عمر بن محمد باهرمز، الذي كان عائداً لتوه من رباط تريم، بعد أن تشبع من علوم تريم ورباطها ذي الخير العميم، على يد الحبيب عبدالله الشاطري، كما أن الشيخ باهرمز تتلمذ قبل سيره الى تريم على الحبيب صالح الحداد، فلهذا كان من بره بشيخه أن يتولى تعليم أبنائه. ونعم تلك السير الطاهرة، والقلوب النظيفة العامرة. ودرس على الشيخ باهرمز القرآن الكريم، وجوده، ودرس عليه متون الفقه والنحو الشهيرة، وتخرج به.
ولما وافت الحبيب صالح المنية، سنة 1352هـ، كما قدمنا. اشتمل الحبيب أحمد بردته، وجمع عزمه وهمه، الى وادي حضرموت، والقى رحاله على أبواب رباطها العلمي، والتحق بالأفواج الميممة سوح شيخ الرباط، الممدود السماط، فاعتلى سنده بالأخذ عن شيخ الكل، الحبيب عبدالله الشاطري .. فحاز معاقد الشرف، وارتقى أوج الغرف.

دعوته:
وبعد أن قضى نهمته من حرم الإقليم، مدينة تريم، قفى عائدا الى مسقط رأسه، ناشراً للعلم والفضيلة، محاربا الجهل والرذيلة، وخلف أباه في مقامه، ومكانته واحترامه، فأحيى الله به من الجهل أمما، ورفع به من الفضل والخيرات والبركات قمما ..
وقام بفتح مدرسة أهلية في نصاب لتعليم مبادئ القرآن والقراءة ومبادئ التفسير والحديث والفقه وعلوم اللغة العربية وهي ما زالت هذه المدرسة الى يومنا تؤتي ثمارها تحت إشراف أولاده وأحفاده .

ومن آثاره الكريمة:
-  ترتيب الدروس في مساجد نصاب للرجال والنساء.
-  ترتيب الروحات والجلسات العلمية.
-  قيامه وسعيه في الإصلاح بين الناس.
-  قيامه بترميم عدد من مساجد نصاب .


خبر استشهاده:
ولم يزل يجد في المعالي، يسهر في طلابها الليالي، يدرس ويعظ، ويدعو في شرق شبوة وغربها، وطولها وعرضها .. حتى دهمت البلاد سحابة الكفر المخيم، وأجواء الظلام القاتم، فأغلقت بيوت الله، وأهين أهل الله، وتعرض السادة والعلماء والوجهاء والأعيان لفظائع وجرائم، لم يعهد جنوب جزيرة العرب لها مثيلا.

وفي شهر رجب، ومع تزامن احتفاء أهل الإسلام، بذكى إسراء ومعراج خير الأنام، عليه الصلاة والسلام، ومع بزوغ فجر يوم الأربعاء، السابع والعشرين من شهر رجب، بعد أن صلى الحبيب أحمد بالناس صلاة الصبح في المسجد، وكان وقفه في الصلاة على قول الله (ولمن خاف مقام ربه جنتان) من أثناء سورة الرحمن، عاد الى منزله عقب صلاة الإشراق، .
وبعد أن دلف الى منزله، فوجئ بطارق يطرق بابه، على غير المعتاد، فقام بنفسه لينظر الأمر، وما كانت إلا مراسم الشهادة، وختم أيام الطاعة والعلم والعبادة، فما أن فتح باب البيت، إلا وألقى عليه أشقى القوم حبلا متينا طوق به رقبته، [جعل الله مكافأة الفاعل حبلاً من مسد]، ثم جروه من أمام باب بيته وربطوا الحبل الوثيق، في سيارة أخذت تجر جثمانه الطاهر في شوارع البلد، والغوغاء والرعاع يصفقون، وبأعلى أصواتهم يهتفون: (تحرير المرأة واجب ..  لا كهنوت بعد اليوم ..)، وغير ذلك من الشعارات التي أوحاها إليهم كبير شياطينهم، ورأس الكفر والإلحاد فيهم، طاغوتهم الذي لا يحسن السباحة والعوم، المارد الشقي حسن باعوم. الذي يريد بعض التافهين فرْضَه في هذه الأيام زعيماً على شعبنا المسلم .. وأخذوا يلمعونه ويطبلون له، وكثير من المطبلين أغرار لا يعلمون حقيقة ذلك الفاجر المكار.
واشترك الغوغاء فى تعذيب السيد الحبيب، فمنهم من ضربه على رأسه بالفأس، ومنهم من رجمه بالحجارة ، ومنهم من داسه بنعاله، وكان ذلك الشكر منهم له على تعبه في دعوتهم، وجهده وجهد أبيه من قبل في الحرص على نجاتهم من بليتهم، وليتهم اكتفوا بذلك، ولكن مراجل الحقد الأعمى، جعلتهم صما بكما، فمنعوا أهله وذويه من دفنه، وأتوا بأحمال من رمل وألقوها على جسده، وواروه تحتها في أحد الميادين وسط البلدة، الى أن أتى اليوم التالي، فسمح لأهله أن يدفنوه ..

أيها القراء الكرام، كتبت هذا لتعرفوا الحقائق المغيبة، وكم من مظالم ارتكبت باسم الحرية، وباسم الوطنية .. يكفينا منها هذا المثال الحي، لأولياء الله الذين اصطفاهم لخدمة دينه، وأكرمهم بالشهادة في سبيله، والذين حوربوا وقتلوا ز. لا لشيء إلا أنهم قالوا ربنا الله ثم استقاموا ..
بعض الأمور والأخبار والحقائق موجعة، ولكنها للذكرى .. وسيذكر من يخشى.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق